الخطوات المدروسة من الاتحاد السعودي لكرة القدم، ومن لجنة المنتخبات على وجه الخصوص تستحق الإشادة والثناء حقاً.
فكثيراً ما وجهنا النقد (القاسي أحياناً) لاتحاد الكرة، وكان يُقابل من الرجل الأول في القيادة الرياضية سمو الأمير سلطان بن فهد ومن سمو نائبه الأمير نواف بن فيصل بكل رحابة صدر، وكان ذلك النقد يجد صدى طيباً وإيجابياً لدى المسؤولين في الاتحاد.
ولأن الأعمال الجيدة تفرض علينا التوقف عندها، ومعاملتها بالمثل حتى نكون منصفين وموضوعيين في نقدنا، فإنني هنا أسجل إعجابي الشديد بخطوة الاتحاد السعودي لكرة القدم بتسليم مهام تدريب المنتخب في دورة الخليج للمدرب كالديرون.. رغم أن هناك من انتقد هذا الإجراء بحجة أن المدرب جديد ولم يتعرَّف بعد على قدرات وإمكانات اللاعبين، وبالتالي ستكون دورة الخليج بالنسبة له كحقل التجارب، وهذه وجهة نظر نحترمها ولها وجاهتها.
ولكن نظرة القيادة الرياضية كانت أبعد من مجرد المشاركة في دورة الخليج.. فالتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم باتت على الأبواب وهي المرحلة الأهم، والتي لا تحتمل مجازفات أو تجارب، ومن هنا جاء قرار اتحاد الكرة بتكليف كالديرون بالإشراف على المنتخب في دورة الخليج ليأخذ فرصته في التعرف عن كثب على قدرات اللاعبين وإمكاناتهم وليتعرَّف اللاعبون أيضاً على شخصية المدرب وطريقته وأسلوبه، وليحدث الانسجام والتوافق بين الطرفين قبل وقت كافٍ من التصفيات، ومن خلال تجربة مهمة وجادة كدورة الخليج، ولو أن اتحاد الكرة أجَّل تكليف المدرب إلى ما بعد دورة الخليج فربما لا يحصل على النتائج المرجوة من المباريات الودية التي تسبق التصفيات لأن المباريات الرسمية تكون أكثر مصداقية في إظهار نتائج العمل التدريبي وبالتأكيد أن الاتحاد السعودي والجماهير الرياضية عامة ليس لديها الاستعداد لقبول أن تكون مباريات التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم أو جزء منها مجالاً للتجارب والتعرُّف على مقدار ما استوعبه اللاعبون من أسلوب وطريقة المدرب، أو أن تكون فرصة للمدرب يتعرَّف خلالها على قدرات اللاعبين وإمكاناتهم.
وبالتأكيد أن هذه الخطوة الجريئة والشجاعة والذكية من اتحاد الكرة لا تعني أبداً عدم الاكتراث بالفوز بكأس دورة الخليج، أبداً فمن خلال أحاديث وتصريحات المسؤولين نجد أن هناك رغبة وإصراراً على الفوز بالكأس والمحافظة على اللقب.. ولكن ضمن أجندة اتحاد الكرة هناك مهم.. وهناك أهم.. وهناك هدف مرحلي.. وآخر إستراتيجي.. ودورة الخليج لا شك أنها مهمة، ولكنها تبقى هدفاً مرحلياً.. أما الأهم والهدف الإستراتيجي فهو بلا شك كأس العالم.
|