لا يخفي المسؤولون الأمريكيون غضبهم وتبرمهم من محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية، فهو لم يؤيد مواقفهم على طول الخط تجاه إيران التي كانت واشنطن تسعى إلى حشرها في زاوية ضيقة، واقتيادها إلى مجلس الأمن لكي يفرض عليها عقوبات تتطلع أمريكا إلى فرضها عليها، بسبب ما تقول إنه سعي إيراني لامتلاك أسلحة نووية، فالولايات المتحدة لا تحتمل وجود قنابل أخرى نووية في المنطقة إلى جانب 200 منها تملكها إسرائيل، وهذه في نظر الأمريكيين، لا تشكل أية خطورة طالما أنها بين أيدي الإسرائيليين.
وقد بات يتعين على المسؤولين الدوليين في الأمم المتحدة وغيرها الانتباه إلى الاتجاهات الأمريكية في اي أمر، وإلا فان عليهم أن يتحملوا عواقب التعارض مع السياسات التي ترغبها واشنطن .. وقد كان الأمين العام للأمم المتحدة نفسه في مرمى النيران الأمريكية، لانه انتقد الحرب الأمريكية في العراق واصفا إياها بأنها غير شرعية لأنها تفتقر إلى المساندة الدولية، ومن ثم فقد طالب أعضاء في الكونجرس الأمريكي باستقالته بسبب مخالفات قيل إنها تمت في برنامج (النفط مقابل الغذاء) في العراق، وشملت تلك المزاعم ابن كوفي عنان.
غير أن جلسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة أظهرت تأييدا دوليا قويا لعنان، حيث وقف مندوبو الدول احتراما له وهم يصفقون في وجه الانتقادات الأمريكية، ما دفع المندوب الأمريكي إلى مسايرة هذا التيار الجارف والوقوف مع الجميع احتراما لعنان، رغم كل المرارة التي كان يشعر بها المسؤول الأمريكي وهو يفعل ذلك.
ورغم ما يتحدث عنه الأمريكيون من ضرورة إفساح المجال أمام الآراء حتى وان كانت تتناقض مع ما تعتقده واشنطن، فانهم على ارض الواقع إنما يسلكون وفقا لتوجه أحادى لا يضع اعتبارا للآراء الأخرى، أو هو يسعى إلى سحقها ان كانت من النوع العملي الذي يهدد سياسات البيت الأبيض، إلى الدرجة التي دفعت بمسؤول دولي مرموق مثل الأخضر الإبراهيمي إلى القول : إن الأمريكيين يتناسون حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، وانه يجب على واشنطن أن تتحدث إلى إسرائيل بهذا الشأن، في إشارة إلى القمع الذي يرزح تحته الشعب الفلسطيني على أيدي جلاديه من الإسرائيليين.
وربما تعين على الأخضر الإبراهيمي دفع ثمن هذه الكلمات التي تفوه بها الآن أو في وقت لاحق، على الرغم من أن الرجل حظي بتقدير واشادة واشنطن عندما مثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق وإيران.
|