Wednesday 15th December,200411766العددالاربعاء 3 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

هل المظاهرات من صفات المسلمين؟ هل المظاهرات من صفات المسلمين؟
يجب على المسلم تجنب طرق أهل الكفر والبدع والأهواء وصفاتهم

يُعد دينُ الإسلامِ دينَ أمنٍ وطمأنينةٍ وتآلفٍ وتكاتفٍ وتراحمٍ وتعاونٍ على البرِّ والتقوى بين أفراده، حكاماً ومحكومين، قال تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} الآية الكريمة.
وإنَّ طريق الإصلاح وسبيل النجاة تكون بالسبل التي شرعها الله لنا وسار عليها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام رضوان الله عليهم، مجتنبين طرق وصفات أهل الكفر والبدع والأهواء من المفسدين الذين يهدمون ولا يُصلحون.. ولذا نهانا اللهُ عن هذه الوسائل، وحذرنا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - منها بقوله (مَنْ تشبَّه بقومٍ فهو منهم)، وقال أيضا (مَنْ أَحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ).. وإنَّ الأمة لتسمو وتعلو باتباع طرق المرسلين ومن سار معهم بإحسان ويقين، مجتنبين الغلو في التكفير والتشديد والتفجير والقيام بالثورات والمظاهرات والانقلابات بشتى وسائلها، لما تؤدي إليه من دمار وفوضى وقتل وزعزعة للأمن.. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. قال ذلك الإمام مالك - رحمه الله -.
فيا أيها الشباب، والله إنني عليكم مشفقٌ ممن يدعونكم إلى نزع يد الطاعة والخروج على جماعة المسلمين وإمامهم، وشق عصا الطاعة والخوض فيما ليس لكم به علم.. فاحذروا احذروا هؤلاء المضلين الذين حذرنا منهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكم جلبوا للأمة من الويلات والنكبات والحروب بدعواهم الفاسدة وشعاراتهم الباغية.. قال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ {11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}، وقال عزَّ من قائل {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
إنَّ ما أصاب هذه الأمة من ضعف ووهن هو ببعدها عن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نبيها - صلى الله عليه وسلم - وسلوك منهج السلف الصالح، واتباع طرق الكفرة والمنافقين.. فديننا لا يعرف المظاهرات والمسيرات، وإنما جاء بها الكفار والمشركون.. فالحذر الحذر من دعاة الباطل الذين يزينون السوء ويحثون الناس عليه.. وإليكم فتاوى العلماء الكبار في حكم المظاهرات:
* أولاً: سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى -:
قال رحمه الله: (فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله، أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات، ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شراً عظيماً على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة، والمكاتبات بالتي هي أحسن، فيُنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذه الطريقة، لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مكث بمكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم.. ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويحصل به ضده.. فكون الداعي إلى الله يملك مسلك الرسل واتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله) أ.هـ. (مجلة البحوث الإسلامية العدد 38 ص 210).
وسُئِلَ - رحمه الله - هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تُعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل مَنْ يموت فيها يُعتبر شهيداً في سبيل الله؟
فأجاب: (لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق. ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير، بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين، ومع الأمير ومع السلطان بالاتصال به ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا.. والله المستعان).
(نقلاً عن شريط بعنوان مقتطفات من أقوال العلماء في المظاهرات).
* ثانياً: فضيلة الشيخ العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى -:
سُئِلَ - رحمه الله تعالى - هذا السؤال: هل تُعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟
فأجاب: (الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -.
ثم ان فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمراً ممنوعاً، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرهما، ويحصل فيه أيضا اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ وغيرها من المفاسد والمنكرات.. وأما مسألة الضغط على الحكومة، فهي إن كانت مسلمة، فيكفيها واعظاً كتابُ اللهِ تعالى وسُنَّةُ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا خير ما يُعرض على المسلم، وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء المتظاهرين، وسوف تجاملهم ظاهراً، وهي على ما هي عليه من الشرِّ في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمرٌ منكر.. وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة، ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب بأن يتبعوا سبيل السلف، فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على من اتبعوهم بإحسان). (أنظر الجواب الأبهر لفؤاد سراج ص 75).
* ثالثاً: فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - :
السؤال: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟
الجواب: ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط ودين نظام وهدوء وسكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين مودة ودين رحمة ودين انضباط، لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام.. والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية، والمظاهرات تُحدث سفك دماء وتُحدث تخريب أموال، فلا تجوز هذه الأمور . أ.هـ.
* رابعاً: معالي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله -:
قال سلمه الله: إذن، ما ذُكر من أن الغاية تبرر الوسيلة فهذا باطل وليس في الشرع، وإنما في الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة، أما إذا كانت الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي، فإنه ولو كان فيه الشفاء فإنه يحرم.. فليس كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود، بل يُشترط أن تكون الوسيلة مباحة، وليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة بالفعل يجوز فعلها، مثال ذلك المظاهرات، مثلا إذا أتى طائفة كبيرة وقالوا: إذا عملنا مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح، وإصلاحه مطلوب، والوسيلة تبرر الغاية.. نقول: هذا باطل؛ لأن الوسيلة في أصلها محرمة، فهذه الوسيلة وإنْ صلحت وإصلاحها مطلوب، لكنها في أصلها محرمة كالتداوي بالمحرم يوصل إلى الشفاء، فثمَّ وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لا حصر لها للغايات، وهذا ليس بجيد، بل هذا باطل، بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذوناً بها أصلا، ثم يحكم عليها بالحكم على الغاية، إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة، وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجبة.
أسألُ اللهَ أنْ يحفظَ أمتنا وبلادنا وعلماءنا وحكامنا وجنودنا وشبابنا من كل سوء وفتنة.. اللهمَّ اصرف عنا كيد الكائدين، واهدِ ضال المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عبدالمحسن بن سالم باقيس - الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved