Wednesday 15th December,200411766العددالاربعاء 3 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
التفسير الاقتصادي للانتخابات وأشياء أخرى (2-2)
د. محمد اليماني

الهدف من الانتخابات تمكين الشعب من اتخاذ القرارات التي تنظم حياته وفق أطر وثوابت وقيم ومبادئ تختلف من مجتمع إلى آخر، وقد كفلت أسسها الفلسفية لكل عضو في المجتمع لديه قدر معين من الرشد والأهلية يمكنه من الحكم على الأشياء حكماً منطقياً، حق الانتخابات بغض النظر عن جنسه؛ وبالتالي فإن الرجل والمرأة متساويان في هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحدهما بناء على جنسه.
ويترتب على حرمان المرأة بناء على جنسها أن تمنع الأستاذة في الجامعة والطبيبة والمربية والمفكرة من المشاركة في صنع القرار بينما يشارك الجاهل ومن لا يكون قادراً على اتخاذ قرار في شؤونه الخاصة لا لشيء إلا لكونه رجلاً. وقد عرف الغربيون هذا العوار في نظام الانتخابات ويضربون لذلك مثلاً بأن للمفكر والفائز بجائزة نوبل صوتاً واحداً تماماً مثل ذلك الشخص الذي يمضي ليلته في الحانة إلى الصباح ثم يذهب للتصويت وهو نصف واع ويصطف الجميع في طابور واحد.
وقد كان الفكر الإسلامي سباقاً في هذا الجانب، حينما جعل صياغة واتخاذ القرارات في يد أهل الحل والعقد، وهم أهل المشورة والاختصاص ومن لديهم القدرة على إبداء الرأي بغض النظر عن الجنس. وتاريخ المسلمين زاخر بالأمثلة على مشاركة المرأة وإبدائها رأيها.
ومن الأمثلة التي تعطي انطباعاً عن جهل كثيرين بالانتخابات وغاياتها الإعلانات التي بدأت تظهر في الجرائد عن تنظيم دورات لإدارة الانتخابات موجهة نحو شرائح معينة منهم المرشحون لعضوية المجالس البلدية. ومن واقع قراءة تخصصات من يدير هذه الدورات وما سيقدم فيها من برامج يمكن التصور بأن البعض يفهم الانتخابات على أنها مهرجانات خطابية يتبارى فيها المرشحون الذين لا همّ لهم إلا الوصول إلى عضوية المجلس البلدي.
ولم أجد دورة واحدة من أهدافها - وذلك حسبما قرأت - تعريف المرشحين بأساليب وآليات جمع المعلومات عن آراء ورغبات الناخبين وتحليلها للتعرف على توجهاتهم وتحديد الاتجاه العام لتفضيلاتهم، كما لم تتضمن هذه الدورات - بنفس الشرط السابق - تعريفاً للناخبين بكيفية صياغة البرامج الانتخابية وعرضها على الناخبين وتسويقها لهم بطريقة مقنعة، والشيء نفسه يمكن أن يقال عن عدم وجود ندوات وورش عمل لكيفية تنظيم الحملات الانتخابية وأدواتها ووسائلها.
لكن الجانب الإيجابي في هذه الدورات هو نشوء نشاط تجاري جديد يضاف إلى قائمة الأنشطة في المجتمع يمكن أن يوفر فرص عمل جديدة.
وقياسا على ما سبق، فليس بمستبعد أن تمتلئ الصحف المحلية بإعلانات التهنئة للفائزين من قبل أصحاب المصالح كل فيما يخصه.
ما ينبغي أن ندركه أن الانتخابات وسيلة لجعل القرارات أكثر نضجا وقرباً من واقع الناس وتطلعاتهم وفي الوقت نفسه هي إداة لمحاسبة المقصّرين والمنتفعين، وأن الصوت الانتخابي أمانة فلا يعطى إلا لمن يستحقه، وإذا كانت كذلك فمن الغبن أن يحرم مَن قد يكون أهلاً لممارسة هذا الحق وربما حصل عليه مَن لا يستحقه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved