يتخوف العراقيون حتى المؤيدون لإجراء الانتخابات في 30 كانون الثاني (يناير) من أن تؤدي مقاطعة السنَّة للانتخابات إلى تجريد هذه الانتخابات والمؤسسات التي تعززها من الشرعية.
ويضيف المحللون والمتابعون للشأن العراقي، بأن من أهم أسباب إجراء الانتخابات في العراق هو اختيار (جمعية وطنية) لصياغة الدستور الدائم للعراق، حيث سيُختار وعبر صناديق الانتخابات 275 عضواً لكتابة الدستور الدائم.
أما السبب الثاني فهو إصباغ الشرعية لمؤسسات الدولة، وخصوصاً الأجهزة التنفيذية (مجلس الوزراء ورئاسة الدولة) إذ إن إعطاء شرعية للحكام هو وحده الكفيل للمطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف دائرة العنف.
وهنا تبرز المعضلة.. هل تكفي الإجراءات السياسية (إجراء الانتخابات) لفرض الأمن، أم يفرض الأمن أولاً، ثم تتم الإجراءات السياسية..؟!
وضع محير فعلاً، لعله هو الذي دفع حزب رئيس الحكومة إياد علاوي إلى مشاركة الأحزاب والجماعات السياسية في المطالبة بتأجيل الانتخابات ستة أشهر أخرى.
هذا المطلب قُوبل برفض من الأحزاب الشيعية التي ترى وفق حساباتها أنها ستحقق نتائج جيدة فيما لو أُجريت الانتخابات في الوقت المعلن.. وهو نفس السبب الذي سيدفع الأحزاب والجماعات السنية إلى مقاطعة الانتخابات حيث ترى هذه الأحزاب بأن الأوضاع الأمنية لا تساعد على إجراء انتخابات وفق ظروف طبيعية، إذ لا يسمح للمرشح بالخروج والالتقاء بالناخبين لعرض برامجه، بل ولا حتى توجُّه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وهم يشيرون إلى المناطق التي تُشكِّل بالنسبة لهم ثِقلاً انتخابياً، فحتى الآن لم تبسط الحكومة سيطرتها على مناطق عديدة، فبالإضافة إلى المدن الواقعة جنوب بغداد، هناك محافظات الأنبار (الرمادي)، وصلاح الدين (تكريت)، وديالى (بعقوبة)، ونينوى (الموصل)، بل حتى كركوك وبغداد تعانيان من خروقات وتفجيرات إرهابية ترهب الناخبين وتجعلهم عازفين في التوجُّه إلى صناديق الاقتراع.
إذن ما هو الحل، هل تؤجل الانتخابات ويتمدد بقاء قوات الاحتلال التي يضعها الإرهابيون ورجال المقاومة معاً هدفاً لاستمرار أعمال العنف..؟!
ويرد المطالبون بتأجيل الانتخابات لفترة لا تتجاوز ستة أشهر بأن التأجيل لا يتعارض مع ما ورد في القانون المؤقت الذي وضع نهاية شهر كانون الثاني (يناير) موعداً نهائياً لإجراء الانتخابات، فهذا التاريخ غير مقدس، وأن قانون الطوارئ المطبق الآن في العراق يعطي الحق لتأجيل الانتخابات التي لن تكون شرعية - حسب رأي المقاطعين - بسبب رفض السنَّة المشاركة فيها، وأنها بدلاً من أن تعزز شرعية الأجهزة التنفيذية وتسمح بصياغة دستور دائم، ستكون على العكس من ذلك تماماً، فلا شرعية بدون مشاركة طائفة مهمة في العراق في الانتخابات ولا قيمة لدستور لا يشارك ممثلو هذه الطائفة في صياغته..!!
|