في مثل هذا اليوم من عام 644 ميلادية تولى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه خلافة المسلمين بعد استشهاد الخليفة الثاني الفاروق عمر بن الخطاب.
وقد أكد الخليفة عمر رضي الله عنه الخلافة قبل وفاته على أن تكون الخلافة بالشورى لاختيار واحد من ستة من كبار الصحابة، هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهم، وجعل ابنه عبدالله بن عمر معهم مشيراً ولا يحق لهم اختياره، وقد وقع الاختيار على عثمان بن عفان سنة 24هـ الموافق 644 ميلادية لتولي خلافة المسلمين.
وقد بدأ عثمان عهده بأن كتب إلى الولاة وعمال الخراج ينصحهم بالسير في طريق العدل والإنصاف والمساواة بين الناس، وزاد في مخصصات جيشه. عمل عثمان على توطيد نفوذ المسلمين في كثير من البلاد التي تم فتحها من قبل، كما نجح ولاته في ضم مناطق جديدة إلى حوزة الدولة الإسلامية، ففي سنة 24هـ، جرى فتح (أذربيجان) و (أرمينية) للمرة الثانية على يد الوليد بن عقبة بعد أن امتنع أهلها عن دفع ما كانوا قد صالحوا المسلمين عليه
وفي نفس العام وصل معاوية بن أبى سفيان إلى الشام لصد قوات الروم التي تحركت لغزو الشام واستعادتها من المسلمين.
وتوالت الفتوحات الإسلامية. ورغم هذا فقد حدثت فتنة في أواخر عهد عثمان، فقد اتهمه فيها البعض بأنه يقرب إليه بني أمية ويستشيرهم في أموره، ويسند إليهم المناصب الهامة في الدولة، وظهرت بعض الشخصيات التي صارت تبث روح السخط والتمرد في نفوس أهل البلاد، ومن ذلك ما قام به عبد الله بن سبأ (المعروف بابن السوداء) وكان يهوديّا يُظهر الإسلام، حيث تنَّقل بين الأقاليم الإسلامية محاولا إثارة الناس ضد الخليفة.
ولم يمضِ على ذلك وقت طويل حتى أقبل إلى المدينة في شوال سنة 35هـ وفد من العرب المقيمين في مصر والكوفة والبصرة ومعهم بعض المطالب منها عزل الولاة الذين أساءوا للمسلمين، وما زالوا بالخليفة حتى قَبِل بعض مطالبهم، وسافروا من المدينة، ثم ما لبثوا أن عادوا إليها وفي يدهم كتاب بختم عثمان، قالوا إنهم وجدوه مع رسول عثمان إلى ولاته يأمر فيه بحبسهم وتعذيبهم، فحلف عثمان أنه لم يكتب ذلك، ثم زعم الثائرون أن الكتاب بخط مروان بن الحكم فطلبوا إلى الخليفة أن يخرجه لهم
فلم يقبل لكذب هذا الزعم ولخشية أن يقتلوه ظلماً، فاشتدت الفتنة وحرَّض المحرضون بقيادة ابن السوداء، وضرب الثائرون حصاراً حول دار عثمان بن عفان. وبعد أن استمروا في محاصرته أربعين يوماً، هجم عليه بعضهم وقتلوه، فقتل مظلوماً - رضي الله عنه- في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 35هـ الموافق السابع عشر من يونيه سنة 656
|