في إحدى المرات وأنا أهم بالصعود إلى العربة وجدت يداً خفية تقبض على الباب وتمسكه بشدة التفت خلفي لم أجد أحداً..!
في تلك اللحظة كدت أغلق الباب بشدة فصاحت بصوتها المتحشرج.. لا.. لا تفعلي..!
فتاة صغيرة التي لم تتجاوز الخمس سنوات.. صبغت السمرة سحنتها الإفريقية.!
كانت تمسك بيدها باقة من الأزهار الحمراء وتعرض عليّ الشراء منها..!
توقفت بتفكيري مدة برهة، واصطحبتني هذه الفتاة إلى المدى البعيد وهي تلهث خلفي بعدما كانت تبيع أنواع الحلوى واللبان.. والآن أجدها قد كبرت وأمسكت بيدها باقات من الزهور.
هكذا الأيام مرت بسرعة البرق والآن تقف أمامي وتطلب مني أن أشتري منها وتصر في طلبها مثلما فعلت في الماضي..!
كان لديها من الذكاء الفطري ما يجعلها تستميل الذي أمامها غير أن إلحاحها الممل يجعلك ترضخ لطلبها!
أخذت منها وردتها الحمراء التي قدمتها لي على طبقٍ من الإلحاح غير المعهود وهي تمضي حافية القدمين تجتاز شوارع المدينة.! شعرت بالضعف أمامها والخجل وأنا أهم بتقبيلها.. خجلت من نفسي ومظهري وعطري بينما بائعة الزهورالرقيقة المتجولة بين الطرقات حافية القدمين تمضي وتجتاز المصاعب لتحقق حلماً يراودها بين التسول والوجع بين الألم وقسوة الشارع.!
أتوقف هنا:
مَن يحمي هؤلاء من الضياع..؟
من يوفر لهؤلاء الصغار لقمة العيش وهم يجوبون العالم هناك ماسح أحذية وبائعة زهور هناك سماسرة يتاجرون باللحم والدم؛ وأطفال عراة مشردون يبحثون في هذا العالم الموجع عن الأمان؛ تلك هي مأساة الإنسان.!
|