الإنسان العاقل و(السوي) هو الذي يعرف كيف يوزع رصيد عواطفه على مختلف المواقف التي تواجهه في حياته الخاصة أو العامة مفرحةً كانت أو محزنةً!!
لقد أخذ علينا بعضُ مَنْ نتعامل معهم من شعوب العالم الأخرى (نحن العرب) إفراطنا في مشاعرنا إلى الحد الذي جعلنا نرى الأشياء بمنظار آخر وإعطاء الأشياء غير حجمها الحقيقي!
العاطفة لم تعتبر يوماً عيباً اجتماعياً، أو سلوكاً غير مقبول بل هي شعور رائع ونبيل ما زال يفوح شذاه في مساحات تعاملنا الإنساني (نحن العرب) في الوقت الذي نجد الكثير من شعوب العالم (المادية) قد حُرِمت من هذا الإحساس النبيل!!
إن العاطفة بطبعها لا تُعتبر عيباً في مَنْ يتصف بها - وأكاد أجزم بأن غالبيتنا مصابون بهذا (الداء) النبيل الذي يعتبر صفة من صفاتنا تلاحقنا في كل شؤون حياتنا!
فالإنسان العاطفي دائماً ما يكون صاحب نخوة، حنوناً وشهماً، يتأثر بما حوله من مواقف مما يدفعه بصفة مستمرة للمشاركة الفعالة فيها.
إن العاطفة النبيلة المطلوبة هي تلك الممارسات التي تتم بعد المرور على فلتر (العقل).
لا من خلال تصرف أهوج قد يقضي على الرطب واليابس فالكل منا له مشاعره وأحاسيسه، والمشاعر بين البشر تختلف من شخص لآخر، فمنهم من يعالج الأمر بحكمة وتروٍّ وعقلانية ومنهم من تكون معالجته لما يحيط به من ظروف عن طريق عواطفه لا عقله!!
فالعاطفة غير المرغوبة هي أن نتصرف دون أن نفكر وننفذ دون أن نخطط ونلقي اللوم على الآخرين دون أن نتحرى أو نعرف السبب!
إن العاطفة السلبية هي أن يجعل المرء أعصابه ونفسيته خاضعة لظروف العرض والطلب في سوق العلاقات الاجتماعية الواسع، مما يجعله دائم التوتر أو مفرطاً في السعادة!!
العاطفة غير المقبولة هي أن تصل بنا عواطفنا أن نحكم على الأشياء بسرعة فنحرق أعصابنا في حوار قصير حول موضوع قد نختلف فيه بالرأي مع طرف آخر فنقذف بعدها باهتماماتنا به إلى (المحرقة) لمجرد خلاف في الرأي!!
العاطفة المفرطة هي أن يذهب جهد موظف مخلص عن طريق قرار مجحف من مديره في لحظة انفراط عاطفي غير مقنن وهناك مَنْ يفرط في عواطفه ويستهلكها في مواقف تافهة أو عادية لا تحتاج إلى كل ذلك الإفراط!!
إن الاحتفاظ بالعواطف للموافق التي يجب أن تستخدم منه سواء كانت مفرحة أو محزنة أمر مطلوب وأن يكون ذلك بشكل متوازن بلا إفراط ولا تفريط!
كثيرون هم الناس الذين غابوا أو غيَّبوا أنفسهم عن خريطة الاهتمامات بالبعض نتيجة لما بدر منهم من مواقف وكثيرة هي العلاقات الإنسانية التي وئدت قبل أن تكبر وتكتمل نتيجة لأنها مرت بحالات مفرطة من العاطفة غير المتوازنة في الأخذ والعطاء والتعامل فدوام الاستمرارية للأشياء الملموسة والمحسوسة هو ارتكازها على قواعد ثابتة وقوية من الحكمة والعقل والتروي لا الاندفاع والإفراط حتى لو كان ذلك لأجل محاولة كسب الآخرين!
فهناك مَنْ يفتح صندوق أسراره أمام الآخرين ويفرط في اندفاعه تجاههم ظناً منه بأن ذلك سيختصر مسافات العلاقة والصداقة.
وهناك مَنْ يفرط في نقد الآخرين ومحاولة اصطياد جوانب القصور في آرائهم أو تصرفاتهم أو سلوكهم وهو لا يعلم بأنه بهذا الأسلوب يقذف بنفسه خارج دائرة الاهتمام!!
هناك مَنْ تعود على التقاط الهفوات والسقطات في كل مجتمع إنساني وظل يمارس هذه الرياضة النفسية ويحلق في سماء أكثر من لقاء اجتماعي إلا أنه يفاجأ في النهاية بأنه أصبح (يغرد) خارج السرب وأن عواطفه تلك أحرقت كل اهتمام به!!
وهناك مَنء يفرط في عواطفه فيدلل ابنه ليصل إلى مرحلة الرجولة وهو بعقل طفل صغير أو يفرط في عواطفه فيقسو عليه فينشأ إنساناً يحمل الكثير من العقد النفسية التي تنعكس على مَنْ يحيطون به.. إن العاطفة شعور نبيل إذا عرفنا متى وأين وكيف نستخدمها!!
بصمة
لا بأس أن تبني قصوراً في الفضاء على أن تضع لها أساساً في الأرض.
|