كيف غاب عن ذهن وزارة المواصلات سابقاً النقل حالياً على تعاقب حقبها ومددها الآفلة والحاضرة، مساحة بلادنا الشاسعة، وأين هم يا ترى من إحصاءات الوفيات على طرق الموت في بعض مدن المملكة؟
كل هذا يجعلنا نسألهم واحداً تلو الآخر، كيف غاب عنكم هذا الأرق، ولماذا لا توضع دراسة تأتي إلى الواقع للمِّ أجزائنا الفسيحة بشبكة طرق حديدية كما هي في كثير من الدول، وأن شبكة يتيمة هي ما يربط الرياض بالظهران ظلَّت تمارس يتمها منذ أن كنا صغاراً، أما الأمثلة المجدية والملحَّة فهي كثيرة ويسيرة، كما يحدث في المواسم من تزاحم وضغط هائل على المحتكر الوحيد للأسطول الجوي (الخطوط السعودية) التي يلجأ إليها الناس رغماً عنهم كخيار فريد، أو قبول متاهات الطرق التي مهما ازدهر تمهيدها إلاّ أنّها تبقى ذات مخاطر تعبِّر عنها حالات الحوادث المريعة المتكررة.
في مكة المكرمة، هذه البقعة المشرفة، والتي تبدو مدينة مزدحمة، بما يظهر من اكتظاظ البشر والسيارات، كأمر يستحيل من نفاذه العبور، وقد تصل إلى مكة من جدة خلال ساعة، لكن ساعتين أو أكثر تكون بانتظارك وأنت تشاهد الحرم المكي الشريف ولكنك لا تصل، أليس الأجدر وفي مثل هذه الحالة كنموذج أن تكون هناك شبكات قطارات سريعة تحت الأرض وحول الحرم، كاختلاق مرونة حركية ليست مستحيلة، وأن تكون هناك نقاط مرقمة تصل بالأفراد إلى مناطق ميسرة بدلاً من مثل تلك الفوضى التي يتيه فيها الناس؟
هناك طرق أخرى مديدة وفارعة حتى داخل المدن نفسها بحاجة إلى التخفيف من أعباء الشوارع وتزايد السيارات التي يبدو أنها تواكب حجم ازديادنا السكاني، لأنّ من المتوقع، وفي ظل وجود السائق الأجنبي، ان كل عائلة تملك أكثر من سيارة واحدة وما فوق بغض النظر عن طاقتها المادية، ناهيك عما يمكن أن يؤدي إليه تنظيم الحياة (بالمترو) والقطارات السريعة وتنظيم نقاط آمنة يمكن للفرد ارتيادها حتى داخل المدن الشاسعة والكبيرة.
كلما رأيت كيف يستمثر الآخرون أموالهم في بناء الحياة السهلة والميسرة، تحسَّرت على عقولنا التي يبدو أنها تتوقف عند آمال محددة، وأن مسألة التركيز على الطرق والطرق فقط لم تعد مجدية، فالناس يزدادون بشكل هائل، كما أنّ احتياجات التنقل وعسر الوظائف وطلب الرزق قد تجعل أحدهم أو إحداهن يعمل في مدينة وينام في أخرى، فكيف يا ترى نتفهم هذا الأرق بوجهه الحالي، وكيف يا ترى تنصب الميزانيات في جهة واحدة وتطوير شأن واحد طوال هذه العقود، ولا تدخل الاقتراحات - وهذا أحدها - إلى منظومة التخطيط والتواصل .. وإن كانت افتراضاً قيد الدراسة، فمتى يا ترى سنراها واقعاً فصيحاً؟
|