الكتاب بعنوان (نظام المحاماة في الفقه الإسلامي وتطبيقاته في المملكة العربية السعودية مع دراسة لنظام المحاماة الصادر عام 1422هـ) تأليف المستشار الدكتور محمد بن علي آل خريف.
الكتاب مجلد واحد يقع في 678 صفحة وقد قسم الكتاب إلى ستة أبواب بعد المقدمة وخاتمة تضمنت أهم النتائج وفهارس بقائمة المراجع التي بلغت (231) ثم فهرس الموضوعات، وهو صادر عن دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع الطبعة الأولى عام 1425هـ وهو في الاصل رسالة دكتوراه.
وباستعراض محتويات الكتاب تبين أنه تناول بالبحث والتحليل موضوع المحاماة في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة وتقصى بالمتابعة الشاملة التطور التاريخي لعمل المحاماة في المملكة كما تطرق لطبيعة نظام القضاء في المملكة باعتبار عمل المحاماة لصيق الصلة بالقضاء كما أن الباحث تناول بالدراسة والتحليل نظام المحاماة الصادر عام 1422هـ مادة مادة وعلق عليه بملاحظات واستدراكات قيمة، كل ذلك تم بأسلوب علمي رصين وتحليل موضوعي متزن ويعد الكتاب فريدا في بابه إذ لم ينشر فيما نعلم كتاب مماثل لموضوعه بهذا الشمول والاحاطة، ويمكن تلخيص الموضوعات التي تضمنها الكتاب في العناصر التالية:
1- تكلم في الباب الأول عن تاريخ المحاماة وتعريفها ومشروعيتها، وشمل ذلك تاريخ المحاماة في الحضارات القديمة وطبيعة المحاماة عند العرب في العصر الجاهلي وبعد الإسلام، ثم تحدث عن المحاماة في النظم المعاصرة وأورد أنظمة مختارة منها، وأشار الى ان مصطلح المحاماة مصطلح مستحدث لم يكن معروفا عند الأوائل وإن كان النشاط موجودا بصور وأساليب مختلفة. وقد عرف المحاماة وبين مفهومها في الفقه الاسلامي وشمل ذلك تعريف الوكالة وتعريف الوكالة في الخصومة، ثم توصل إلى صياغة تعريف شرعي يرى أنه التعريف الأمثل لمصطلح المحاماة وفق المفهوم الشرعي؛ حيث نص على أن المحاماة تعني: (تفويض شخص لآخر مختص يقدم له المساعدة القضائية، دفاعا عنه في الدعوى ابتداء أو اعتراضا أمام المحكمة المختصة في تصرف معلوم، قابل للنيابة ممن يملكه غير مشروط بموته).
2- تحدث عن مشروعية المحاماة في الفقه الاسلامي وشمل الحديث في هذا السياق الكلام عن مقاصد الشريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد ثم بين أهمية عمل المحاماة في المجتمع المسلم ومن ذلك أهمية عمل المحاماة للمحكمة وبين في سياق ذلك دور المحامي كأحد أعوان القضاء في تحقيق العدالة إن هو التزم بالمعايير الشرعية للخصومة فكان رائده الدفاع عن الحق ليس إلا، والسعي لتبصير القضاة بالجوانب الحقيقية المختلفة في القضية، كما بين أهمية المحاماة للفرد وللمجتمع ومؤسساته المختلفة، وأثناء حديثه عن مشروعية المحاماة فصل القول في ذكر أقوال علماء الأمة حول مشروعية المحاماة سواء المجيزين لها أو المانعين وذلك بأسلوب علمي وأمانة في ذكر مختلف الاقوال ومناقشتها ثم أيد القول بمشروعية المحاماة وفق الضوابط الشرعية المعتبرة لمهنة المحاماة.
3- تحدث عن طبيعة الوكالة والمحاماة في الفقه الإسلامي وبين ان مصطلح المحاماة أشمل من الوكالة كونه تدخل فيه أعمال عديدة لم تكن معروفة وفق المصطلح الشرعي للوكالة كتقديم الاستشارات وصياغة العقود وإعداد الدراسات الاستشارية الشرعية والنظامية المتخصصة وتصفية الشركات وغير ذلك من النشاطات المستحدثة في مجال المحاماة، كما تطرق لحكم أتعاب (أجرة) المحامي من حيث مشروعيتها وكيفية تقديرها ودفعها.
4- تحدث عن أركان وشروط توكيل المحامي وشمل ذلك تعريف صيغة توكيل المحامي ومكوناتها ومن ذلك صور الايجاب والقبول في الصيغة وشروط الايجاب والقبول وتراخي المحامي في قبول الوكالة وأنواع الصيغة ومنها الصيغة المنجزة والمعلقة والتوكيل الدوري للمحامي وتعليق توكيل المحامي على الشرط وصيغة توكيل المحامي المضافة الى المستقبل، ثم تكلم عن توكيل المحامي وشروطه وشمل ذلك الشروط المطلوب توافرها في الموكل والشروط المطلوبة في المحامي والشروط المطلوبة في محل الوكالة.
5- تكلم عن بعض الأحكام في توكيل المحامي ومن ذلك: حكم الاطلاق والتقييد في توكيل المحامي، فعرف معنى الاطلاق والتقييد في الوكالة والتوكيل المطلق والمقيد للمحامي، وحكم توكيل أكثر من محام في تصرف واحد وحكم قبض المحامي عن الموكل فيما وكل في اثباته، وحكم اقرار المحامي عن موكله وحكم توكيل المحامي غيره فيما وكل فيه وحكم عقد المحامي الصلح عن موكله، ثم ذكر بعض الأحكام فيما يحدث بين المحامي وموكله من خلاف مثل الاختلاف في أصل الوكالة والاختلاف في صفة الوكالة والاختلاف في تصرف المحامي فيما وكل فيه ومخالفة المحامي أمر موكله وضمان المحامي ما لحق موكله من ضرر بسبب المخالفة وتعدي الوكيل وتفريطه وما إذا كان ذلك حاملا على ابطال الوكالة وذكر المخالفة المبطلة للتوكيل.
6- تحدث عن حق الاستعانة بمحام وفي هذا الاطار تطرق الى مكانة الانسان وحقوقه في الاسلام ودور المحامي في حماية هذه الحقوق. ثم ذكر مجالات عمل المحامي في مراحل التحقيق والمحاكمة وعمل المحامي في مجالات الدعاوى المدنية وتقديم الاستشارات وصياغة العقود، وفصل القول بشأن حقوق وواجبات المحامي ومن ذلك واجباته تجاه موكله وتجاه خصم موكله وتجاه الجهات التي يتعامل معها بحكم عمله بمن فيهم أعضاء سلطة التحقيق والقضاء.
7- تحدث عن وجوه انتهاء وكالة المحامي وشمل ذلك مبطلات وكالة المحامي ومنها انتهاء وكالة المحامي بالعزل وذلك بعزل الموكل للمحامي أو بعزل المحامي لنفسه من الوكالة، وانتهاء وكالة المحامي بفقدان أهلية التصرف ومن ذلك موت الموكل أو المحامي أو جنون أحدهما أو الحجر عليه لسفه أو افلاس، وانتهاء وكالة المحامي بتغير حال محل الوكالة أو بتجاوز المحامي فيما وكل فيه، ثم تكلم عن وجوه انفساخ وكالة المحامي حكما وذلك بعدول الموكل عنها أو باتمام الشيء الموكل فيه أو انتهاء الأجل المحدد لها.
8- وفي الباب الأخير من الكتاب خصص الكلام عن دراسة نظام المحاماة في المملكة العربية السعودية وشمل ذلك استعراضا للنظام القضائي وتقسيماته في المملكة، ثم تتبع التطور التاريخي لنشاط المحاماة في المملكة والتنظيم القانوني لهيئة المحامين. بعد ذلك خصص فصلا مستقلا ركز فيه على دراسة نظام المحاماة الصادر عام 1422هـ وقد تم ذلك بتحليل موضوعي دقيق اشتمل على اضافات علمية ومقترحات قيمة ستساهم بإذن الله في تطوير مواد النظام لتواكب المرحلة وتحقق تطلعات القائمين على تطبيق هذا النظام وحرصهم على أن يكون رافداً مهما لدعم العدالة وحماية الحقوق.
وختم الكتاب بذكر أهم النتائج التي توصل إليها، وهذا الكتاب بحق يعد اضافة علمية هامة للمكتبة العربية نظراً لمسيس الحاجة اليه خاصة مع تنامي عمل المحاماة وتوسع مجالاته في المجتمع بسبب توسع النشاطات والتعاملات مع تزايد وتشابك اجراءاتها مما أنشأ معه مشكلات وقضايا يحتاج التصدي لها الى المتخصص الخبير، لذا فإن هذا الكتاب سيعطي دفعة قوية لرفع الوعي بأهمية عمل المحامي وتأصيل دوره الشرعي المنضبط بأصول وأخلاقيات المهنة التي بينها هذا الكتاب بما يحقق العدالة ويساهم في حماية الحقوق ويعمل على حل المشكلات والقضايا وفق أطر شرعية واجراءات تنظيمية مرنة وسريعة، وما على المحامين بعد ذلك إلا السعي الجاد للرفع بمستوى مهنة المحاماة إلى المستوى المأمول بأن تكون بحق مهنة العدالة وإنصاف المظلوم والوقوف معه تجسيداً للمبدأ الاسلامي العظيم القائم على التعاون على البر والتقوى، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
د. عبد الله بن ناصر التميمي |