Tuesday 14th December,200411765العددالثلاثاء 2 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

وزارة العمل بين خطط التوظيف ومعايير التصنيف هل ينجح العامل السعودي؟ وزارة العمل بين خطط التوظيف ومعايير التصنيف هل ينجح العامل السعودي؟
محمد بن ناصر الأسمري (*)

حسنا فعلت وزارة العمل في العمل المتسارع لوقف الهدر في الموارد البشرية التي بدأ التراكم فيها يشكل بوادر أزمة وطنية ذات أبعاد أمنية واقتصادية واجتماعية، لعل من أخطرها العنف النفسي الذي يدمر آلاف الشباب وهم في عمر الزهو والتفتح والتطلع إلى آفاق المستقبل وبناء كيانات الوطن .. ليس أقسى على الإنسان أن يكد ويدرس ويتحرج ثم لا يجد له عملا شريفاً يعتاش منه .. ولا يتسع مجال الصبر وبالذات كلما كان التأهيل عاليا، بل تتواري الأحلام الوردية إلى عنف وانتقام من كل المجتمع والوطن، وتدمير نفسي للشخص وربما من يعيش بينهم ..
ولا نعلم عن مدى الجاهزية لدى الوزارة وفروعها وكذا اللجان المشكلة للتوظيف للعاطلين من السعوديين، ونعني بالجاهزية هنا الاستعداد المهني والمهارة للتدريب والتفعيل للعمل الإداري في التصنيف للوظائف، وكذا المتعطلين الذين سوف يظهرهم الحصر. كذا ليس معلوما إن كان الحصر سوف يأخذ شكل البحث الاستقصائي الميداني أم الاكتفاء بالسجلات في مكاتب العمل والاستقدام. كذلك ربما يحتاج الأمر إلى إفصاح وإيضاح أكثر لبرامج تهيئة طالبي العمل. ولعل مزيداً من الإفصاح عن المراد بالعاطلين مراد للباحث من أجل الإسهام في التوعية والسعي في الدلالة بالرأي والنصح والخبرة المعرفية والدربة للرقي بالعمل وطرق الكسب الشريف الكافي الوافي.
بالطبع لدينا بطالة بين خريجي الجامعات في تخصصات متنوعة، بعضها من جامعة البترول والمعادن ؟؟؟ وذلك إما بسبب التقدير الذي لم يرتق إلى الامتياز أو الجيد جدا .. أو بسبب عوامل اجتماعية أسرية تجبر المتخرج على البقاء قرب والديه الذي تقاعدوا عن العمل والتعامل بسبب العمر، وربما المرض بل وقلة ذات اليد. كذلك فقد برزت في العقدين الماضيين عطالة وبطالة جديدة ولا تقل خطورة عن بطالة الشباب المؤهلين والمتسربين من مراحل التعليم .. هذه الفئة هم المتقاعدون من الحكومة وبالذات من السلك العسكري وهم ما زالوا قادرين على العطاء والإنتاج، إلا أن السن القانونية لكل رتبة قد أجبرتهم على التقاعد، وهؤلاء لا بد من استثمارهم جيدا، فبعض منهم قد نالوا تدريباً مهنياً راقياً داخل القطاعات العسكرية أو خارج المملكة، وقد تدربوا مهارة وسلوكاً على الأداء السليم المنضبط والعمل ذي الجودة، وبالذات في المجالات الهندسية والصيانة للمعدات وطريقة الإعداد والعرض والاستدلال. ولعل هؤلاء يفيدون في التدريب وإكساب المهارات السلوكية وحسن الأداء، بل والعمل بأنفسهم لينفعوا أنفسهم وينفعوا الناس في الوطن ..
عامل آخر ربما ما كان له بيان واضح فيما أعلن، وهو هل الأمر في توظيف الباحثين عن العمل أو العاطلين بلغته المنشورة بخطاب المذكر هو شامل ضمنياً للإناث المنتشرة فيهن البطالة بشكل ربما لا يقل عن الوضع لدي العمالة الرجالية؟؟
لقد أعجبت بخطة وزارة العمل من خلال ما وقفت عليه من معلومات من خلال موقع الوزارة. أود ان أشيد بالجهد الجبار الذي تم منذ ولي الدكتور غازي القصيبي منصب الوزارة. وما هذا الجهد الفكري الذي سطرته هنا إلا تواصلاً بجهد متواضع ببعض الأفكار التي ربما يكون فيها ما يساعد على لجم فجوة البطالة والصدع بجوهر وجود المشكلة، وتخيف آثارها على الوطن ومكتسباته وفي قمتها الوحدة الوطنية التي قوامها الشباب والشابات أعتقد أن نجاح حملة وزارة العمل في إنجاح خطة التوظيف والقضاء على البطالة يتوقف على مدى جدية وتعاون القطاع الخاص والأهلي في التجاوب .. هذا من طرف أما الطرف الآخر فسيعود على الباحثين عن العمل وجديتهم في العمل. حسناً فعلت وزارة العمل في البدء بالحصر للوظائف والباحثين عن العمل، ثم بالتوعية والتهيئة للباحثين عن العمل.
وهذا من أهم العناصر في القضاء على معضلة التوظيف سواء بالنسبة لأصحاب العمل أو الباحثين.
صحيح أن نسبة كبيرة من الباحثين عن العمل قد اكتووا بمرارة البطالة والحرمان من العمل والدخل، ولعل هذا ما قد يشفع في الجدية في الانتظام في العمل وعدم التذرع بأي أعذار للتأخر أو الغياب، لأن في هذا السلوك إضراراً بالعمل ومن يبحث عن العمل لاحقاً من خلال الانطباع بعدم جدية الشباب والحرص على العمل وأوقاته وإنتاجيته. صاحب العمل يريد أن يعود عليه كل ريال يصرفه بريال آخر أو اكثر والعامل الذي لا يؤدي العمل بجدية تجلب الربح سوف لن يبقى في العمل في القطاع الخاص ..
وهنا فلعل تركيز خطة وزارة العمل على التوعية والتهيئة من أهم العوامل التي أظنها سوف تضع الكثير من الأجوبة على أي تساؤل من الباحثين عن العمل. وفي ظني انه من المناسب تركيز الجهد والوقت والمال على هذا الجانب، وان يصرف صندوق الموارد البشرية على تدريب مكثف في مكاتب العمل ولجان التوظيف المحلية على طريقة إعداد السيرة الذاتية وطرق إجراء المقابلات، وعلى الجو العملي في القطاع الخاص حيث لا مجال للانشغال عن العمل بأي مشغلات كالحديث الجانبي عن نتائج المباريات أو قراءة الصحف إلا في أوقات الاستراحة التي يجب ان يضعها نظام العمل وقادة وزارة العمل في الحسبان .. لقد كان البدء بالحصر والتوظيف لأصحاب المؤهلات الأعلى خطوة صحيحة لأن في هذا وقف هدر لموارد بشرية منتجة لما لها من قدر اكبر من الوعي والدراية والمهارة في الأداء وكسب التعلم والتدريب والإتقان والانضباط، ثم ليكونوا قدوة طيبة أمام أصحاب الأعمال.
لكن الذي أخشاه على الخطة ونجاحها من عدمه هو ما يلي:
* عدم وجود سقف أدنى للأجور للمؤهل وليس للشخص، فهذا حق وأمر طبيعي أن يكون للمؤهل الجامعي في مجالات الهندسة والصناعة والإدارة والتسويق والإعلام والكيمياء وكل المجالات العلمية حد أدنى للأجور وفق تصنيف مهني تراكمي لحجم وكم الخبرات والتدريب، أما التدرج إلى الحد الأعلى فهو وقف على الجدية والابتكار والتجديد والتطوير والربحية المتحققة.
* عدم المقارنة برواتب العمال في القطاع الحكومي، قد تجازوها المنطق والعقل والزمن، فهي هزيلة ولا ترقى إلى عمل إنتاجي، فلا زال في رواتب العمال في الحكومة فئات يبدأ راتبها بـ 1200 ريال وهو ما يعادل راتب نافعة - شغالة - أو نادل مستقدم يقدم الشاي وينقل المعاملات.
* وعامل آخر لا يقل أهمية وهو وقت العمل، فلا بد من تحديد وقت معين للعمل لا يتجاوزه أصحاب الأعمال وهو ثماني ساعات، لأن طبيعة التكوين الاجتماعي للحياة في بلدنا يقتضي تواجد رب الأسرة معها في وقت العشاء، وبالتالي فليس من المقبول بقاء الأعمال في المنشآت بعد السابعة مساءً , ولا بد من تنظيم لورديات العمل في المنشآت الكبيرة والموازنة بين تساوي الورديات زمناً وعلى الأشخاص.
* لا بد من توفر وسائط نقل سريع منظم بين مراكز الأحياء ومناطق العمل أو قريبا منها أو صرف بدل نقدي لا يقل عن 1000 ريال شهريا للعامل مهما تدنى مستواه العلمي أو المهني.
* تفعيل دور ومهام اللجان العمالية في المنشآت وفق ما نص عليه قرار مجلس الوزراء .
* تطوير آلية أعمال مكاتب العمل والمحاكم العمالية لسرعة البت في القضايا الخلافية وبالذات ما له علاقة بالأجور.
* الوقوف بحزم ضد الممارسات الاعتسافية التي يمارسها بعض أصحاب الأعمال تجاه العاملين بالنقل إلى أعمال أدنى أو إلى مناطق أبعد من اجل التطفيش وإجبار العامل على الانسحاب، وبالتالي الوقوف أمام وزارة العمل موقفاً قانونياً لكنه اعتسافي.
* البحث عن طريقة للمواءمة بين التصنيفات للوظائف في نظامي العمل والعمال القائم حاليا ومستقبلا عندما يصدر الجديد، وبين نظام الخدمة المدنية وربما نظام خدمة الأفراد والضباط في القوات المسلحة. للإفادة والحفاظ على الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة تأهيلا عاليا ولا شك أن تبنِّي الصحافة لإبراز مثل هذه القضايا فيه خدمة للأعمال والعمال واصحاب الأعمال، وميزة نسبية للدور الريادي لقادة الرأي والصحافة للتفاعل مع الأحداث الوطنية.

(*) باحث ومستشار إعلامي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved