إجرام ينم عن عدم وعي وجهل وقلة إدراك وإغراق مهين في الظلام لجماعة قذرة تظن أنها حينما تحاول تفجير بعض القنابل وإطلاق بعض الرصاصات بعشوائية وسط مدنيين آمنين من جنسيات معينة ستؤثر سلباً على نظرة الإعلام الخارجي للمملكة حكومةً وشعباً، وبالتالي ستتغير السياسة الدولية في نظرتها وتعاملها مع المملكة، وهو إحساس ساذج ودليل قاطع على مدى الجهل الغارق فيه هؤلاء، وأنهم وبعيداً عن البيانات التي يصدرونها على مواقع الإنترنت التي تتلقفها باحتفالية مخجلة ومريبة بعض وسائل الإعلام في الخارج مجرد مجرمين لا يتعدون هذا الإطار مهما حاولوا إلصاق الصبغة السياسية والعقائدية على تحركاتهم وأفعالهم، فالقتل والتفجير غير المبرر لا ينبع إلا وسط جهل مطبق بطبيعة المرحلة التي تمر بها المنطقة بأكملها وليس المملكة وحدها، وقد أثبت رجل الأمن السعودي قدرته على تحمل مسؤولياته تجاه مجتمعه والتزامه بما قطعه على نفسه في السابق من وعد بعدم التعاون مع أي خارج على القانون أو المجتمع، وقد جاءت ردة فعله على الهجوم الأخير على القنصلية الأمريكية بجدة درساً بليغاً لهؤلاء الصغار بأن هناك رجالاً أشداء يتحركون وفق أحدث النظم والتجهيزات الكفيلة بحماية أي مواطن أو مقيم على أرض المملكة، مدعومين بفكر راقٍ لقيادات هذا البلد السياسية والأمنية، مما حدا بالرئيس الأمريكي أن يشيد وفور علمه بتفاصيل العملية الإرهابية برجل الأمن السعودي وبالسلطات السعودية التي لولا يقظتها لحدثت كارثة أمنية كانت ستخلف آثاراً وخيمة بعض الشيء خاصة من الناحية الإعلامية التي كان سيكثر فيها اللغو والحديث الباطل عن مدى تغلغل وقوة الجماعات الإرهابية داخل المملكة، لكن بعدما حدث ردع من رجال الأمن لهؤلاء وسرعة وقوة التعامل والسيطرة على الحدث في زمن قياسي يجعلنا جميعاً نرفع أكفنا لله حمداً وشكراً على أن قيض لنا رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه وتحملوا مسؤولياتهم الأمنية بكل أمانة وشرف وإيمان بأن أمن الوطن لا مجال للتهاون أو التخاذل في التعامل معه.
إن النجاح الأمني الكبير في التصدي للعملية القذرة الأخيرة منح وبصورة غير مقصودة من هؤلاء الخونة المارقين شهادة تقدير وعلى أعلى المستويات من خبراء وسياسيين ورجال دولة في الخارج والداخل على أن رجل الأمن السعودي بلغ ومن خلال آلية تنفيذه في صد الهجوم على القنصلية الأمريكية مرحلة متقدمة وكفاءة قتالية عالية تبعث على الاطمئنان والراحة والثقة في آن.
والمتتبع لتطورات التصدي للمحاولات الإرهابية المختلفة في الفترة الأخيرة وبعد دراسة لعدد الضحايا ونوعية الخسائر سرعان ما سيكتشف التفوق المذهل والنجاح الكبير في تقليل الخسائر إلى حد أكثر من المتوقع، فرغم حزننا على الضحايا كافة إلا أن عددهم وخلوهم من أي رجل أمن يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات، ولا يدع مجالاً للشك بأن رجل الأمن قادر وقادر في التصدي وحماية هذا المجتمع وأمنه وهو وسام فخر على صدور جميع هؤلاء الرجال، ولا يعني محاولة تنفيذ عملية إرهابية - على قلتها - قصور، فشرطة (أسكتلنديار) وجميع الأجهزة الأمنية في المملكة المتحدة ورغم قوتها وكفاءة رجالها لم تفلح في القضاء على الهجمات الإرهابية التي كانت تشنها بعض الجماعات من الجيش الآيرلندي داخل المملكة البريطانية إلا بعد مضي حوالي عشرين سنة عانت خلالها بريطانيا من ويلات هذه الجماعات، لكن الأمن السعودي وخلال فترة زمنية بسيطة نجح في القضاء والحد من انتشار العمليات الإرهابية أو انطلاقها من أراضيه رغم الانفلات المخيف الحاصل في بعض دول الجوار والحدود الشاسعة التي تربطنا بهم.
إنه انتصار يتجاوز التهنئة على النجاح في التصدي لعملية إجرامية بل تتويج لجهد وفكر واعٍ ندعو الله جميعاً أن يؤيده بنصره ويحفظه ويحفظ هذا الوطن وأمنه واستقراره ورجالاته.
|