أتى قرار وزارة التربية والتعليم الأخير والمعلن إعلامياً، الجوابي عن ما كتب كثيراً تجاه هذه الوزارة من نقد وآراء ومقترحات حول عزوفها عن توظيف خريجي دبلوم اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي على أقل تقدير لسد الاحتياج القائم في معظم المدارس في البلاد، مشيرة في ذلك إلى مبررات تقول فيها إن من أساسيات توظيف المعلم هو أن يكون مؤهلاً تأهيلاً عالياً (أي خريجي الجامعات) وأن هناك تأكيدات من ولاة الأمر حفظهم الله بالتأكيد على اختيار أفضل المؤهلين، وعلى أية حال فإن ذلك الأمر هو أمر هام لا يختلف عليه أحد، في اختيارنا الكفاءات المناسبة لتعليم أبنائنا وبناتنا، لكن لا يعني هذا أن كل من تأهل في تخصص معين لا يعد مؤهلاً إلا بحصوله على شهادة جامعية، ولنا في خريجي معاهد المعلمين والمعلمات في الحقبة الماضية موعظة حسنة، ونراهم يتقلدون الآن قيادة معظم أعضاء هيئة التدريس من الجامعيين في المدارس (الذين تعينهم الوزارة ولا تقبل سواهم كمعلمين!!) فضلاً عن تدريسهم لأجيال عديدة تتبوأ مناصب عليا في البلاد ولله الحمد، وعلى أية حال فإن الرد والإجابة حول هذا الأمر يطول كثيراً ولا نود أن نضيع وقت القارئ في ذلك، لكن السؤال بالمقابل، لماذا أتى قرار كهذا يحرم أو قل إن شئت يمنع توظيف خريجي الدبلومات ويسمح لغيرهم دون أن يتأتي ذلك على أرض الواقع، بمعنى هل تم تعيين معلمي ومعلمات قبل أو بعد القرار أصلاً!!، حتى نشعر أو نلمس أن القضية حسمت وهي قضية وطنية؟، الجواب لا، حيث ما زالت مؤسسات تعليمية عديدة تسجل نقصاً كبيراً في كافة المراحل الدراسية، ولأكثر من منهج دراسي، فكيف تسمح وزارة التربية والتعليم لنفسها في توجه كهذا يرمي إلى إصدار قرارها الأخير هذا دون القيام بسد الاحتياج القائم من المعلمين والمعلمات؟! وكيف لها أن تعتقد أن ثمة خبراً أو تصريحاً سوف ينهي قضايانا التعليمية الحائرة؟!، فعلاً إنها قضية وطنية لم تحسم لصالح أصحابها (أبناء الوطن سواء من طلبة أو معلمين) وربما تأتي السنة الدراسية القادمة ونحن نعاني من عدم توافر مبانٍ سليمة أو قل إن شئت مناسبة ولو مرحلياً لتوافر أدنى إمكانات البيئة التعليمية لمعظم المدارس، وعدم توافر اساتذة مؤهلين أو حتى من يسد فراغ من هو متخصص إلى حين!!، إننا نعيش مرحلة انتظار وتأمل، ولا بد للوزارة أن تسعى إلى حسم هذه القضية، فلم يعد التصريح والظهور الإعلامي لقيادات الوزارة يجدي دون أفعال ملموسة، فالمجتمع متعطش لسد احتياجات أبنائه وبناته من تعليم متكامل، وبتنظيم يبعد العشوائية وإيقاع الضرر، فهلاّ وصلت الرسالة لوزارتنا الموقرة، أم سنستمر في شحذ الهمم نحو واجب وظيفي رسمي والذي يفترض القول عنه وطني قبل ذلك.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|