يعاني الكتاب الآن من غربة موحشة، وقارئه يتلوى في عزلة ضاربة، فلم يعد يؤبه به أو بما يقدمه من طروحات تنويرية أو معرفية، بل إن هناك مَنْ يصيبه الصداع حينما يرى هذه الكتب متراصَّةً بجوار بعضها البعض، ولفرط ما أصبح الكتاب ثقيلاً على بعض أفراد المجتمع قد يطلب أحدهم مُسكِّنَ صداع لفرط ما يرى من مؤلفات ومخطوطات.
يُجامَلُ أحياناً صَاحِبُ الكتب، وقد يتفاعلون مع ما لديه من مؤلفات - خصوصاً السيدات والفتيات - حينما يكون الكتاب حول الطبخ أو الأزياء إلا أن المجلات الفنية على وجه الخصوص أخذت هذا الدور، حيث أصبح الكتاب في حالة ضياع تام، وإهمال واضح ينذر بتلاشيه وغيابه عن مشهد الحياة الإنسانية التي تتوسم فيه حقيقة الدور المهم في حياتنا، لكن لا حياة لمن تنادي.
فلو أردنا أن نعيد إشكالية غربة الكتاب إلى أصلها الأول، ونفتش في أبرز معوقاتها سنجد أن الكتاب التعليمي هو أساس القضية، لأن المنهج المدرسي ارتبط بفكرة الكتاب وضرورة قراءته، وحل الواجبات من خلاله، وحفظ النصوص أيضاً، وجميعها مُطَالبات وأوامر يؤديها الطالب من دون رغبة أو ترغيب.
إذن التعليم وكتبه المدرسية هي الأسباب الحقيقية وراء تراجع شعبية الكتاب وعدم الاهتمام بالقراءة.. فلا يمكن لنا أن نعيد للكتاب مكانته، وللقراءة هيبتها إلا إذا تم تطوير التعليم من خلال الاعتماد على المذكرات الشيقة، والبحوث المفيدة، لنترك للجيل الجديد حرية اقتناء الكتاب أو حتى تصفحه.
|