يغمرك العجب عندما تمعن النظر في تلك الأجساد البشرية وذلك التنوع في الشكل واللون الذي خلقه الله في هذه الأجساد ولا يعد هذا شيئاً تملكه أنت لوحدك بل انه شعور يساور العديد من البشر ولكن يبقى هناك أمر محير في تلك الأجساد غائر في داخلها لا يظهر إلا مع الموقف الذي يبين حقيقة الإنسان فيخرج صفات عدة من بياتها في النفس والتي جبل عليها جميع البشر فيخرج إلينا الطمع والجشع والغش عندما تلتهب النفس نحو المال وحب التملك وعندما تطوقها الشراهة والنهم فتندفع إلى الأكل بقوة ويطبق عليها الشعور بالزهو والعظمة وحب الظهور فتطلق اللسان لكي يبحر في عالم الكذب ويسيطر عليها الفجور فتقع في الرذيلة والفساد والفحش والمنكر ويتسرب إليها النفاق أحيانا فتخون وتخلف الموعد وتخوض في حديث كذب ويكبلها المرض والحزن والألم والتعاسة والكآبة فتبحث عن العلاج الدوائي والمعنوي ويصيبها الفشل والإحباط والانهزام فتحاول أن تنتقم.
وإن منعت هذه النفس عن الهوى وألهمت التقوى فإن السعادة سوف تغمرها بإذن الله وينطلق منها الخير والصدق والرحمة والعاطفة فيعيش الجسد في راحة بالقرب من الله مذكوراً بالثناء والقول الحسن.
فهل نستطيع أن نتحكم في هذه النفس ونبيد بذور الشر في داخلها ونكثر من زراعة الخير فيها لكي يختفي ذلك الصراع الإنساني الذي هو عنوان هذه الحياة، يبقى هذا خارج قدرة الإنسان، فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى الذي يقول في محكم كتابه {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.
|