اعتبر أحد المثقفين المشاركين في مؤتمر مؤسسة الفكر العربي في مراكش أنه مشروع مستنير (زواج بين الثقافة والمال) بينما صرح آخر في نفس المؤتمر أن المؤتمر (استنهاض الأمة العربية عن طريق المثقف وبمساهمة رأس المال العربي)، وقد وصف أحد المفكرين العرب مشروع كتاب في جريدة بأنه (تآزر رأس المال والفكر العربي)، على حين نجد من ناحية أخرى بأن هناك مساهمة للأموال العربية في غالبية الفضائيات العربية.
والسؤال الذي يلح علي الآن ما لمرجعية التي ينطلق منها التقسيم السابق؟؟ هل هي المرجعية التقليدية التي اعتدنا عليها يقسم العرب إلى قسمين (أهل حضر وأهل وبر)؟ أي بدو ومتمدينين؟ أي العرب البائدة والعرب المستعربة، وبصورة أوضح العرب (الفكيرة) من مثقفين ومفكرين ومنظرين وإنشائيين ومزعقين فوق المحافل، وعرب (دفيعة) هم العرب الطيبون المنبهرون الذين يرون في أوراق العرب العارية الحلول جميعها، تحت تلويح بوعود وحدة موهومة وقصور في الهواء سرعان ما تنهار عندما تتحرك أول دبابة ليس باتجاه (القدس) بل تتقهقر إلى البلد المجاور في طريقها إلى (القدس).
لم أفهم ولن أفهم معنى أن نظل نتوقع أن يكون هناك الحلول لدى العرب (الفكيرة) وكأنه لم يكفنا خمسون عاما من البيروقراطية والأنظمة الإدارية المهلهلة التي نقلت لنا من هناك وما زالت تعيث بنا فسادا، ولم يكفنا التلوث اللغوي من الخطب والقصائد والإنشاء التي فصلتنا عن الواقع، والتهمت شبابنا في المئات من الحروب المجنونة غير المبررة، ألم يكفنا أعوام ونحن نستقبل هرطقات (ميشيل عفلق) وتفريعاتها، وأحلام سيد قطب وحسن البنا وذيولها وأشواقهم النهمة للسلطة.. ونتورط في المزيد من طواحين الهواء والأوهام.
جماعة (الفكيرة) يفكرون للعالم العربي وسيجدون له حلولا للتخلف والإرهاب والبطالة والنساء المقهورات والفقر والأمية.. بيدي جماعة الفكيرة كل الحلول.. فقط على جماعة (الدفيعة) تنتظر نتائج.
استنهاض الأمة العربية عن طريق المثقف وبمساهمة رأس المال العربي.
|