حين يلجأ إليك صاحبك لتمدَّه بجاهك فتتبارى كي تسنده، حتى إذا ما خرج من الموقف ولَّى عنك صفحاً...!!
*** وحين تُدخِل يدك في مستودعك وتُخرج لصاحب جاءك مهرولاً من وطأة الحاجة، فتسدِّد عنه حاجته حتى إذا ما أزيح عن كاهله أمرها اختفى عن صفحة ناظرك...!!
*** وحين يأتيك صاحبك شاكياً باكياً، فتسعى جهدك متمثلاً شكوته، مأخوذاً بدموعه، حتى إذا ما تصدَّيت لشكواه لم تجده ولقيت نفسك في ورطته!!
*** وحين يكون لك أن تحفظ وجهك من إدباره يكون هو متِّجهٌ لإيذائك...!!
*** وحين يكون مستودعك لا يفي بحاجتك يكون هو في تكوين مستودعه مولِّياً عنك وجهه...
*** وحين تكون أنت متلبِّساً بشكوته، يكون هو مهرولٌ لبناء مكانته...
يُغلق دونك هاتفه... ويصكُّ عنك بابه!!
***
مواقف الغفلة التي تقع فيها مِنْ أجل صاحبِك، غالباً ما يعيشها الناس مع الآخرين مثل صاحبك معك..
فهناك مَنْ تعطيه فيأخذ منك وحين حاجتك يدبر عنك, ومن تسنده وعند سقوطك يتخلَّى عنك، ومن تتبارى من أجله فتفقد بعض وجاهتك وعند غروب وجاهتك لا تجده أبداً، ومن إن سهرت بجواره مريضاً، نام عند شكواك نهاراً، كم هم (أصدقاء) الغفلة الذين تجدهم دون أن تنادي؟
ولكن :
كم هم (رفقاء) الزمن الذين يظهرون لك دون أن تبحث عنهم؟
وكم (الذين) يقفون لك عند الحاجة, ويتبارون من أجلك قبل النداء، ولا يولُّون عنك عند غروب شمسك؟ ولا يسألونك إلحاحاً وعند حاجتك يبذلون، ولا يترددون؟!
هؤلاء ندرةٌ، عزَّ بهم الزمن، وضيَّعتهم كثرة الذين عرفتهم في مواقف الغفلة شاكين، لاجئين، سائلين، باكين؟! ثمَّ..مولِّين..
*** ألا يحتاج المرء إلى أن يكون فطناً... حذراً.. متروِّياً... اتقاءً لمواقف الغفلة؟ فيتَّقي أصحابَها؟؟
*** ثمَّ ألا يحتاج المرء إلى أن يكون نبيهاً... واعياً... مدركاً ليحافظ على أولئك (النَّدرة) الذين عزَّ بهم الزمان؟! وندرت بهم المواقف؟.
|