لقد تحدث عدد من العلماء والدعاة وعلماء الاجتماع وعلم النفس والمختصون عن أبرز أسباب العنوس (عنوس الفتيات) ولماذا يتأخرن في الزواج.
** وقد تحدثوا عن جملة من الأسباب.. وهي حقيقية وملموسة وواقعة بالفعل.. ولكن هناك سبب آخر.. وهو العيش في المدن الكبرى كالرياض وجدة والدمام وسائر المدن الضخمة.
** ذلك أن الذي يعيش في المدن.. يكون عادة محصوراً ومحدود العلاقة.. ولا يعرف عن وضعه الأسري سوى أقاربه المقربين.. بل إنك تجد لديه ثلاث أو أربع بنات في سن الزواج.. وجاره من حوله.. وزملاؤه في العمل وسكان الحي لا يعرفون ذلك.
** في القرى والمدن الصغيرة.. كلهم يعرفون أن فلاناً عنده بنت أو بنتان في سن الزواج.. ويعرفون أعمارهن وكل شيء عنهن.. وهن محل اهتمام شباب القرية أو المدينة.
** في المدينة .. البنت لا يعرفها إلا أقاربها القريبون جداً.. كالخال والعم ومن حولهم.. والآخرون لا يعرفون عنها أي شيء.. ولذلك.. تتأخر في الزواج.
** ثم إنه من الملاحظ في المدن أيضاً.. أنه متى عرف أحد الجيران أو الزملاء في العمل أو سكان الحي عن بنت عند فلان.. ثم جاء ليخطبها فإن الأب يرفض فوراً.. بحجة أنه لا يعرف عن هؤلاء الناس شيئاً.. وبحجة أنه يريد أحد الأقرباء أو المعارف أو أهل (الديرة) وقد يكون هذا الخاطب أفضل منهم بكثير لو سأل وتحرّى عنه.. ولكنه يرفضه بحجة أنه ليس من المعارف أو من أهل (الديرة نفسها).
** هذا سبب مهم في ارتفاع نسبة العنوسة..
** هناك بنات يشتكين من رفض آبائهن لخطاب على مستوى عالٍِ من الكفاءة والأخلاق والقدرة على الزواج.. وحجة الأب.. أنه من (ديرة) أخرى لا يعرفها ولا يعرف طباع أهلها.. وهو يخشى المشاكل.. والمشاكل.. قد تحصل من أقرب الناس إليك (ابن أخيك.. ابن أختك) فيما لو زوجتهما.
** المشاكل.. ليست حكراً على البعيد.. فالمهم.. هي أخلاق وديانة هذا الشاب الخاطب.. وحجم قدرته واستعداده للزواج واحترام مسؤولية الزواج.
** لو راجعنا حالات الطلاق.. لوجدنا أن نسبة طلاق الأقارب أكثر.. والأولون.. كانوا يحذّرون من زواج الأقارب ويطلقون لذلك أكثر من مثل.. فقد قيل: (الأقارب عقارب) و(ابعد اللحم عن اللحم لا يخيس) و(ما يجيك ضدك إلا من بدِّك) بل إن الأطباء حذروا من زواج الأقارب ما لم يتم إجراء فحص طبي.. خشية الأمراض الوراثية.. وهكذا سمعت من بعض العلماء والدعاة.. والمسألة هنا مسألة شرعية.. الكلام فيها لأهل العلم فقط.
** إن الأحياء يوجد فيها شباب مستعدون وقادرون على الزواج.. مثلما يوجد بها فتيات في عمر الزواج.. وهؤلاء الشباب.. كثير منهم على درجة كبيرة من الأخلاق والالتزام والاستقامة.. فلماذا يفوّت الآباء هذه الفرصة؟
** لماذا يصرون على القريب أو على (راعي الديرة)؟
** هل يجهلون أن هناك شباباً من (غير الدّيرة) أو من غير الأقارب يُعدّون مكسباً كبيراً؟
** الأولون قالوا: (اخطب لبنتك ولا تخطب لولدك) ومعنى هذا.. أنك تبحث عن الشاب المستقيم الصالح.. ذي الأخلاق العالية واعرض عليه الزواج من ابنتك.. فكيف بمن يأتيه الخاطب ثم يرفضه بسبب أنه من غير المعارف أو الأقارب أو من غير أهل الديرة أو (ما نعرفه ولا يعرفنا).
** يبدو لي.. أن هذا سبب مهم في ارتفاع نسبة العنوسة.. لأننا نلاحظ أن هناك من يشتكي من ارتفاع نسبة العنوسة وتكدس البيوت بالبنات غير المتزوجات.. وفي المقابل.. هناك شباب يشتكون من أنهم.. لم يجدوا من يزوجهم.
| 
"محليــات"