صدرت الميزانية العامة للدولة للعام الحالي 1424 - 1425هـ بأرقام قياسية لم تعرفها لأكثر من عقد ونصف عقد مضى، فيها حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على توفير سبل المعيشة الرغدة وعقدت العزم على مواصلة مسيرة خطط التنمية في بيئة استثمارية تتميز بالاستقرار والنمو، ولا تقتصر في أهدافها على خطط قصيرة المدى وإنما على آفاق أوسع وتطلعات مستقبلية أكبر تزخر بالمزيد من البذل والعطاء لرفاهية المواطن، وقد شملت الميزانية العامة للدولة على عدد من المحاور المهمة التي تدل على قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، والتي تبشر على بوادر انطلاقة نوعية وانتعاش يحقق المزيد من النمو العام، وقد حملت الميزانية في طياتها بشائر خير لمشروعات تنموية واعدة، اتسمت في مضامينها بتوازن موفق بين إيراداتها ونفقاتها حين بلغت 280 مليار ريال، روعي في بنودها أولوية الاستثمار الأفضل للموارد المالية، وبما يتماشى مع احتياجات التنمية وخططها لقطاعات تهم المواطن من صحة وتعليم وخدمات عامة وبنى أساسية، وهي كلها تعكس رغبة حكومة خادم الحرمين الشريفين في استمرارية تحسين وتطوير الخدمات وتعزيز مسيرة التطوير لجميع مرافقها بدون استثناء.
وإذا كان هناك فارق مالي بمقدار 50 مليار ريال عن ميزانية العام الماضي 2004م فلا شك ان الزيادة سوف تدعم معدلات النمو إلى مزيد من انتعاش الاقتصاد المحلي، الأمر الذي سوف لا يقتصر تأثيره الايجابي على ميزانية هذا العام فحسب، ولكن سوف يواصل تأثيره في مؤشرات جميع القطاعات الاقتصادية للسنة القادمة بإذن الله، ولعل أهم نقاط تتميز بها ميزانية هذا العام في الآتي:
1- حققت أعلى فائض لها منذ سنوات عديدة بلغ مقداره 100 مليار ريال، كانت نتيجة إيرادات فعلية بلغت 393 مليار ريال، وهي مقدار يبلغ ضعف الايرادات التي كان يعتقد بها في بداية هذا العام بواقع 200 مليار ريال، ومثلت ارتفاع عائدات البترول سواء في انتاجه اليومي أو في ارتفاع أسعاره العالمية فيها جزءا هاما ودليلا على التوظيف الجيد لعائدات وإيرادات الدولة من صادراتها.
2- اهتمت اهتماماً كبيراً فيما يخص بتخفيض الدين العام، فخصص مبلغ 57 مليار ريال من فوائضها لسداد مستحقات الدين العام المتراكم وبهذا التخصيص فسوف يخفض الدين العام من 660 مليار إلى 614 مليار ريال تدريجيا ومدعما لمعدلات أعلى في معدلات النمو الاقتصادي.
3- واصلت الميزانية خلال العام المقبل على زيادة الاعتمادات والمخصصات المالية لقطاع الخدمات والتنمية بنسب جيدة تراوحت بين 10% إلى 27% مقارنة بالمخصصات التي اعتمدتها لميزانية العام المنصرم (وبزيادة 14 مليارا) وهي دلالة تشير إلى رغبة الدولة في تقديم أفضل مستويات التعليم وإلى تحسين البيئة التعليمية والتدريبية وتوسيع طاقتها الاستيعابية وبحال يأمل فيه ان تنوع مخارج التعليم بما يوائم متطلبات سوق العمل وزيادة فرص التوظيف للمواطنين، وبناء على ذلك فقد اعتمدت الميزانية ما نسبته 25% لايجاد السبل الفاعلة لتوظيف الشباب وتخفيص معدلات البطالة إلى أدنى حد ممكن لها.
4- حظي قطاع المياه والزراعة بنصيب وافر حصل فيه على أعلى نسبة تجاوزات 27% مقارنة بقطاع النقل والاتصالات بنسبة 22% وبنسبة 11% لقطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية.
5- ينتظر ان تدفع الميزانية لهذا العام بمؤشر الاسهم السعودية الى ارتفاع ملحوظ في تعاملات البيع والشراء في الاسابيع القادمة، ومع فائض قدره 98 مليار ريال فإن الانعكاسات المباشرة على حركة الاسهم المحلية والاستثمار فيها تؤدي الى تحقيق أرقام جديدة قياسية له تصل به إلى 8500 نقطة مع بداية الربع الأول من العام الميلادي القادم، وأن يساعد كذلك حجم الميزانية الكبير على استقرار حالات التصحيح الذي شهدها السوق في العام الماضي إلى حد كبير يعيد فيه ثقة المضاربين.
6- وفرت الميزانية الدعم الكامل الهادف الى الحفاظ على مستويات صحية عالية للمواطن، وبما تضمنته من مشاريع انشائية في بناء 23 مستشفى و420 مركزاً طبيا و4 مستشفيات جامعية في أنحاء المملكة، زودت في مبانيها بأحداث التجهيزات الطبية والكوادر الطبية اللازمة لها، إضافة الى تحديث وتوسعة وتطوير المنشآت والمرافق الصحية القائمة حاليا.
7- خصصت مبالغ تقدر بعشرة مليارات ريال لغرض صناديق التنمية وبرامج التمويل الحكومية، فحظي صندوق التنمية العقاري بمبلغ 9 مليارات ريال وبنك التسليف بمبلغ ملياري ريال، وهي مخصصات تهدف الى تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي أساساً.
ومن هنا فإن ملامح الميزانية تتسم بأنها مرتبطة في مجملها بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، والميزانية وفقت في توازنها بين بنود الانفاق والتمويل في بنودها، ونجحت في تفعيل حركة الاقتصاد، وزيادة قدرة ادائه والكفاءة الانتاجية بها، وهي تعد بحق ميزانية مميزة بما قامت به من رعاية لموارد المملكة وثرواتها وتعظيم لامكاناتها المتوفرة لرفاهية المواطن، وهي تبشر بالخير الكبير الذي سوف يعم ارجاء هذا الوطن الغالي بفضل من الله ثم بفضل جهود وإصرار حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز على رعاية وحماية المقدسات والمكتسبات.
|