* دمشق - الجزيرة :
رد شارون على رسالة لارسن حول السلام مع سورية لم تكن مستغربة ، ولكن بغض النظر عما تريده حكومة إسرائيل أو النوايا السورية التي حملها لارسن ، فإن السلام اليوم لم يعد وفق المؤشرات المبدئية مرهون بقرار سياسي فقط ..
فهذا السلام المعلق منذ مدريد ، تحكمه اليوم صورة (الشرق الأوسط الجديد) لا كما أراده بيريز ، بل كما يسعى إليه (أمراء التطرف سواء في البنتاغون أو في المقلب الآخر .. عند (القاعدة) .. ونحن هنا نستخدم (القاعدة) كحالة افتراضية .. لأن صورة الإرهاب المنظم كما تصورها الاستخبارات الأمريكية لم تعد واضحة في الذهن ، والأمر الحقيقي أن بركان العنف اندلع بشكل عشوائي بعد احتلال العراق .. وبركان العنف أيضا مستمر مادامت الوقائع السياسية تنظر إلى المنطقة وفق (الغالب والمغلوب) ، فالهزيمة العسكرية التي قلبت المعادلة الشرق أوسطية ، تستمر اليوم على صعيد آخر في عملية فرز ثقافي واضح ، مما يبعد السلام أكثر عن المجتمع ، ويجعل القرار السياسي بشأنه أصعب.
السلام انهار عمليا مع التغير الحاد في الديموغرافية الإسرائيلية ، بحيث غدت الأحزاب الدينية منطقة استقطاب لأي حكومة جديدة ، والسلام انهار أيضا بعد ان تحول من (عملية) و(تجربة) دولية إلى إجراءات سياسية فقط ، لا يتم عبرها بحث عمق السلام داخل المجتمع .. وهذا هو مصير الحديث عن دولة فلسطينية (مع نهاية الفترة الرئاسية ليوش).
الرغبة السورية في سلام على حد تعبير الإعلام في الفضائيات العربية لم يصطدم فقط بتصريحات شارون ، بل أيضا بخلط استراتيجي ألغى عمليا أي حالة من التوازن على الصعيدين الاجتماعي والسياسي ، وجعل الأدوار التقليدية لدول المنطقة مستحيلة .. أما الأدوار الجديدة بانتظار وضعية التطرف التي ترخي ظلالها على المنطقة ككل.
|