في واحد من أبرز الكتب الإسرائيلية التي صدرت أخيراً ما كتبه البروفيسور باروخ كيميرلنج أستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية في إسرائيل والأستاذ في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية الأخرى عن السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون وهي بعنوان: (القتل السياسي: حرب أرييل شارون ضد الفلسطينيين.. الفلسطينيون... صيرورة شعب). ويتحدث كيميرلنج عن الدور الإجرامي لسياسة شارون في الأراضي المحتلة منذ بداية ظهوره على الساحة العسكرية ومن بعدها الساحة السياسية إلى الآن، موضحاً أنه وعلى الرغم من تورط شارون بشكل مباشر أو غير مباشر في جرائم معروفة ومضادة للقانون الدولي إلا أنه أصبح رئيساً لوزراء إسرائيل عام 2001م.
ويؤكد كيميرلنج أنه ومنذ بداية مهنة شارون كان الجميع ينظر إليه بصفته الأكثر دموية وقسوة من بين جنرالات إسرائيل وسياستها، والرجل ذو رؤيا وحشية أو متوحشة بالفعل، فهو يهدف إلى استئصال أي شيء اسمه الشعب الفلسطيني، بل يريد تهجيره إلى الأردن، لأن دولته هناك بحسب زعمه، وبين الأردن وإسرائيل لا يوجد أي شيء. ثم يردف قائلاً: وكلّنا يعرف الدور الذي لعبه في غزو لبنان عام 1982م، وهو الغزو الذي انتهى بمجزرة صبرا وشاتيلا الشهيرة، والواقع أن شارون يريد تغيير موازين القوى على الأرض لكي يحقق أهدافه السياسية بتشكيل إسرائيل الكبرى، ومحو الشعب الفلسطيني من الخريطة سياسياً على الأقل.
إنه يريد تدمير الهوية السياسية للشعب الفلسطيني، وقد نال موافقة القوى اليمينية المتسلطة في إسرائيل بالإضافة إلى الإدارة الأمريكية الحالية. ولتوضيح كل ذلك نلاحظ أن المؤلف يقسم كتابه إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يحمل العنوان التالي: الحاضر الماضي، وفيه يتحدث الباحث عن التناقضات الداخلية في إسرائيل، وعن السياق التاريخي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ثم يتحدث عن أول محاولة لتدمير الفلسطينيين سياسياً على يد شارون، وبعدئذ يتناول الكاتب مسألة الأيديولوجيا والممارسات العسكرية، ثم يتحدث المؤلف عن طفولة شارون في فلسطين إبان الانتداب الإنجليزي، وكان قد ولد عام 1928م في قرية صغيرة تدعى (كفار ملال) غير بعيدة عن تل أبيب ولم تكن طفولته سعيدة جداً بسبب الطابع السلبي لشخصية والده، ويبدو أنه كان فظاً ومتخاصماً باستمرار مع جيرانه، ويبدو أن ابنه ورث هذه الطباع السيئة والشرسة عن والده. ثم يتحدث عنه بعد أن كبر وانخرط في سلك الجيش فيقول: إنه لم يكن لطيفاً، هذا أقل ما يمكن أن يقال، ثم أصبح شارون بعدئذ زعيم المستوطنين الذين يستولون على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.
|