أشعل النائب الأسير مروان البرغوثي السباق إلى رئاسة السلطة الفلسطينية بإعلانه مجدداً عن خوضه الانتخابات بشكل مستقل لاغياً قراره السابق بالعدول عن المنافسة.
وفيما تؤكد زوجة البرغوثي والمقربون منه أن التغيير الطارئ في موقفه جاء لتعزيز الديمقراطية والمشروع الوطني ولمواصلة النضال على طريق ياسر عرفات واستجابة لآلاف المؤيدين الذين ألحّوا عليه بذلك.. يشاع أن الترشيح نجم عن اعتبارات ذاتية تتعلق بعدم حصوله على ضمانات لاشتراط استئناف المفاوضات مع إسرائيل بإطلاق سراحه او بتهرب القيادة الفلسطينية من إجراء الانتخابات داخل (فتح).
لكن ما هو مؤكد ان إقدام البرغوثي على إعلانه خوض الانتخابات بعد اتخاذ مؤسسات حركته الأم قراراً بالالتفاف حول مرشحها محمود عباس (أبو مازن) وفي ضوء إعلان حماس عن مقاطعتها سيثير المزيد من البلبلة في الساحة الفلسطينية، ما يعني أيضاً إضعاف الرجلين معاً، البرغوثي وعباس المحاطين بعدد غير قليل من المتنافسين. ورغم الملابسات المريبة لتذبذب موقف البرغوثي حيال الانتخابات الرئاسية ومسارعة حركة فتح وكتائب شهداء الأقصى إلى تأكيد دعمها لمرشحها محمود عباس إلا أن الفرصة أمام البرغوثي ما زالت سانحة للفوز، شرط أن يتمكن من تقديم تفسيرات مقنعة ترتبط بالمصالح الوطنية العليا لجمهور الناخبين الفلسطينيين لما فعل. ولهذا الغرض لن تكفي التصريحات العمومية والفلسطينيون ينتظرون قيام البرغوثي بتوضيح ما لم يعرفوه حتى الآن واطلاعهم مثلاً على أي انعكاسات مفترضة لانتخاب محمود عباس.
فهل يخشى البرغوثي على سبيل المثال من أحداث انعطافة فلسطينية حادة وخطيرة تحت قيادة أبو مازن؟.. وهل دعوة الأخير إلى وقف (التحريض) ضد إسرائيل أو إعلانه عن نيته جمع السلاح من الفصائل أو التصريح بأن حق العودة ينبغي ألا يؤثر في الميزان الديموجرافي داخل الكيان؟.. هل كل هذه التساؤلات أو غيرها من المعلومات شكلت لدى البرغوثي نذيراً بالانعطافة المذكورة؟. وستبقى الشكوك قائمة حول مسؤولية البرغوثي في شرذمة أكبر وأقدم فصيل فلسطيني في مرحلة حساسة لدوافع شخصية غيمة سوداء تحوم من فوقه رغم الشعبية الكبيرة التي ظل يتمتع بها طيلة السنتين الأخيرتين، ولا شك أن البرغوثي الذي قاد الانتفاضة ونطق بلسانها ودخل في الذاكرة الجمعية للفلسطينيين كأقوى المرشحين لخلافة الرئيس الراحل ياسر عرفات كان الرئيس المؤكد للسلطة الوطنية لو بقي على ترشيحه الأول قبل انسحابه.
وديع عواودة
كاتب عربي إسرائيلي وهو كاتب (حر) في عدد من الصحف الإسرائيلية
والمواقع العربية في إسرائيل، ويراسل عدداً من الصحف العربية من الأراضي الفلسطينية المحتلة. |