Sunday 12th December,200411763العددالأحد 30 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

شيء من شيء من
افتراءات سعد الفقيه
محمد عبداللطيف آل الشيخ

في الإعلان الذي نشر هنا في الجزيرة، والذي يتبرأ فيه شيوخ وكبراء قبيلة العجمان مما نسبه إلى أبناء قبيلتهم البيان (المفبرك) الذي صدر عن سعد الفقيه مؤخراً، والذي يدعي فيه خروجهم عن شرعية الدولة، الكثير من المؤشرات التي يجب أن نتوقف عندها، ونناقشها، ولا تمر علينا مرور الكرام.. لا سيما وأن بياناً مشابهاً قد صدر- أيضاً - من كبراء قبيلة سبيع، وكذلك من كبراء الأشراف.
أول هذه المؤشرات ان إذاعة الفقيه، والتي تبث من (لندن)، تخضع لأنظمة وقوانين الدولة البريطانية كما هو مفترض.. وهذه القوانين - نظرياً - تتعارض مع الكذب وتزوير الحقائق، والتقول على الناس، والإضرار بسمعتهم، فضلاً عن أنها - ونظرياً مرة أخرى - ضد الدعوة إلى العنف والإرهاب كما يقولون. وغني عن القول إن كل هذه الضوابط لا يكتثر بها هذا (المنشق)، ولا يعيرها أي اهتمام، ومع ذلك لم نسمع أن قضية واحدة رفعت ضده، سواء من الجهات الرسمية أو الجهات الأهلية.. وهذا ما يُثير السؤال الكبير: لماذا؟. وما الداعي والمبرر الذي سوغ مثل هذا السكوت المطبق، طالما أن القوانين البريطانية - على الأقل من الناحية النظرية - ضد هذا الدَّعي؟.
والفقيه هو الوجه الآخر لأسامة بن لادن، الذي يمتطي (الدين) لتمرير طموحات ومآرب سياسية محضة.. ومن التدليس والكذب والافتراء ادعاؤه بأنه يمثل معارضة (سلمية) للنظام، وأنه يسعى إلى (الإصلاح)، في حين أنه يدعو نهاراً جهاراً إلى الفوضى والتمرد ونقض عرى النظام العام وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.
ففي دعوته للمظاهرات - مثلاً - لا يتورع من دعوة المتظاهرين إلى استخدام (السلاح) للدفاع عن أنفسهم، فيما لو حصلت مواجهة بينهم وبين رجال الأمن، ويُبرر دعوته إلى السلاح في خطابه الموجه إلى مريديه وأتباعه بقوله:( والحركة - أي الفقيه - لا تستطيع منع المتظاهرين من الدفاع عن أنفسهم إذا تعرضوا لأي اعتداء من قبل رجال الأمن أو القوات المسلحة!).. ونحن نعلم، وهو يعلم، أن في مثل هذه المظاهرات والتجمعات تكون (رصاصة) واحدة يطلقها (سفيه) في حالة هيجان كفيلة بأن تحول هذه التجمعات الغوغائية إلى (مذبحة)، تجر البلاد وأهل البلاد وأمن البلاد إلى كوارث أمنية وفتن لا يعلم مآلاتها ونهاياتها إلا الله.. وليس لديّ أدنى شك أن هذا جل ما يطمح إليه.
ويُخطئ الفقيه إذا ظن أننا دونما ذاكرة، عندما كان يحاول بكل ما يملك من قوة تبرئة البريطانيين من مروجي الخمور، الذين اقتتلوا فيما بينهم على أرض الوطن، في القضية المشهورة آنذاك، ليلصق التهمة على رؤوس الأشهاد بالسعوديين، ممن أسماهم حينها (شباب الجهاد)، في ممارسة حقيرة وانتهازية لخلط الأوراق وذر الرماد في العيون، ومحاولة تبرئة البريطانيين وإرضائهم، حتى وإن كان على حساب (الوطن) الذي يرفع شعار إصلاحه.. ولا يمكن أن تمر هذه المرافعة الدفاعية المكشوفة دون أن نشم بين سطورها (رائحة ما) لا تخفى على الحصيف.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر كما يقولون، فإن تاريخنا نحن السعوديين مع البريطانيين، منذ المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وحتى اليوم، كله مؤامرات من قبلهم ودسائس ومحاولات لاهثة لإجهاض (مشروعة الوحدوي) كما تقول بذلك، وبكل وضوح، (الوثائق البريطانية) المعلنة حالياً عن حقبة تأسيس المملكة.. (سوف أتعرض إليها في مقال لاحق).. وها هو التاريخ يصر إلا أن يعيد نفسه، أو يكاد، عندما (تحتضن) بريطانيا نفسها مرة أخرى (الفقيه) لتصنع منه (مخلب قط) لابتزاز السلطات السعودية، والتأثير على استقلالية قرارها، وإرغامها على التماهي مع مصالحها السياسية والاقتصادية.
وليس غريباً أن تنطلي دعوات الفقيه على بعض السذج والبسطاء ودهماء الناس، ولكن أن تنطلي على بعض المثقفين، وممن يفترض أنهم من رواد الرأي والفكر، فهذا ما يثير الكثير من علامات الاستفهام.. مثلاً أين طلبة العلم السعوديون ال 26 الذين دبجوا بياناً قبل أسابيع.. لنصرة المقاومة العراقية كما أسموها؟.. لماذا يصمتون صمت الأجداث وهم يرون هذا الدَّعي يحاول أن يسوق البلاد إلى الفتنة والفوضى ووضعها على شفير الاضطرابات الأمنية؟.
أليس من (جهاد الدفع) - أيضاً - اتقاء الفتنة والشر ودفع (الصائل)؟.. ثم إذا لم يكن هذا المنشق (صائلاً) بكل ما يعنيه هذا المصطلح الفقهي من معنى، فماذا عساه أن يكون؟.. وإذا كانت (المناصرة) والمآزرة هي التي دفعتهم إلى إصدار بيانهم الشهير عن العراق أفلا يستحق بلدهم (موقف) مناصرة ومؤازرة أيضاً؟.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved