لو أن جودة التعليم وفاعليته يقررها وفرة المال فقط - على أهميته القصوى - لما وجدنا أن ما يصرف على الطالب في بلد مثل كوريا الجنوبية (المارد التعليمي الجديد) يقل عن نظيره لدى بعض الدول النامية، تجويد التعليم ورفع كفاءته أمر متاح التحقق أمام أي أمة جادة، جودة التعليم لا ترتبط بالضرورة بلون عيون القوم أو حجمها أو حتى بلون بشرتهم أو بلغتهم، لن تتحقق جودة التعليم بوجود مبدعين أو بظهور كفاءات بشرية متمكنة طالما ترسخت في مجتمعهم ثقافة إدارية ومجتمعية لا تحترم المبدعين وتحجر على تفكير ومبادرات الناس بل وتعوزها المعايير العالية المنضبطة التي تضمن مهنية وعدالة أسلوب اختيار الأفراد لمواقعهم. جودة أي نظام تعليمي لا تحسمها طموحات التربويين ورؤيتهم المستقبلية طالما بقيت هذه الطموحات والرؤى تصطدم بعائق الإرادة السياسية.
يبدأ تجويد التعليم برؤية سياسية تؤمن بأن التعليم هو الخيار الاستراتيجي الوحيد الذي يضمن للوطن موقعاً تنموياً متقدماً، ولن تكتمل هذه الجودة بدون قيادة تربوية قادرة على تصور الانقلاب النوعي الذي يمكن أن يحدثه التعليم في حياة الناس ورفاه مجتمعهم، ثم تعمل في ضوء هذا التصور على وضع السياسة التعليمية وتنفيذ البرامج التربوية القادرة على إعادة صياغة الفرد ليواجه مستجدات وتحديات عصره ويتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً منتجاً.
كلية المعلمين بالرياض |