الأحد الأسود في الجزائر

في مثل هذا اليوم من عام 1960م ارتكبت قوات الاحتلال الفرنسي في الجزائر مذبحة مروعة عندما فتحت النار على المتظاهرين الجزائريين فقتلت 114 شخصا.
وكانت الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي الذي بدأ عام 1830م قد انطلقت في النصف الأول من الخمسينيات وسرعان ما تحولت إلى حرب عصابات تقودها جبهة التحرير الوطني ويساندها الشعب الجزائري كله.
ولم يكن من المنتظر أن تتخلى فرنسا عن الجزائر بعد أن وصل عمر الاحتلال فيها إلى 130 عاما تقريبا وأصبح الفرنسيون ينظرون إلى الجزائر باعتبارها الإقليم الجنوبي لفرنسا حيث استوطن عشرات الآلاف من الفرنسيين.
لذلك حتى عندما عاد الرئيس الفرنسي شارل ديجول الذي قاد مقاومة بلاده للاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية لم تكن فرنسا مستعدة للاعتراف بحق الجزائريين في الاستقلال لذلك رفع ديجول شعار (تحيا الجزائر الفرنسية).
هذا الشعار أجج الثورة الجزائرية فازدادت شراسة في المقابل اشتدت قوة آلة القمع الفرنسية.
وأمام الثورة الجزائرية أدرك ديجول أن عشق الحرية والاستقلال ليس قاصرا على الشعب الفرنسي الذي قاده للثورة على الاحتلال الألماني وإنما هو غريزة لدى كل شعوب العالم حتى شعب الجزائر الذي خضع للاحتلال الفرنسي أكثر من 130 عاما.
وفي سبتمبر عام 1959م غير ديجول موقفه تماما وبدأ يتحدث عن حق الجزائريين في تقرير المصير.
ولكن قادة قوات الاحتلال والمستوطنين الفرنسيين في الجزائر لم يقبلوا موقف ديجول الجديد فصعدوا اعتداءاتهم على الجزائريين على أمل إنهاء الثورة بالقوة.
وتعددت المجازر الفرنسية التي استهدفت المدنيين غالبا بسبب تحصن الثوار في الجبال واعتمادهم على أسلوب حرب العصابات.
ومرة ثانية فشلت القبضة الحديدية للاحتلال الفرنسي في قمع الثورة التي تواصلت واشتدت قوتها حيث أعلن الجزائريون تشكيل حكومة في المنفى اعترف بها عدد من دول العالم الثالث التي سبقت الجزائر إلى التحرر من ربقة الاستعمار.
وفي عام 1962م حصلت الجزائر على استقلالها وسيطرت جبهة التحرير الوطني بقيادة أحمد بن بيلا على الحكم في البلاد ولكن سرعان ما انقلب هواري بو ميدين على حكم بن بيلا وأطاح به ليتولى هو رئاسة البلاد ويسافر بن بيلا إلى المنفى من جديد.