Saturday 11th December,200411762العددالسبت 29 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
قطار تحت الحرم المكي
عبدالله بن بخيت

أرجو ألا يفهم القارئ أني سوف أستأنف الهواجيس في القطار.. فهذا المقال ليس إلا تكملة حالمة لمقال يوم الأربعاء الماضي.. فدقيقتان سنوياً أهوجس فيهما في القطار أكثر من كافية.. لو كان عمري ثماني عشرة سنة لتغيَّر الأمر قليلاً.. كان يمكنني أن أصرف أكثر من عشر دقائق للهواجيس في القطار ففي مثل ذلك العمر تتوفر هوة عاطفية تحتاج إلى ردم حتى لا يغرق الشاب في الهواجيس الجنسية الفتَّاكة.. فالشباب لا يميلون كثيراً لتقديم الاقتراحات فميْلهم ينصب على الأحلام.. أحلام الليل، وأحلام النهار.. في الليل يحلمون بامتلاك النساء، وفي النهار بامتلاك العالم بأسره، وفي الأخير ينتهون بامتلاك قطار عجوز ينطلق من الرياض إلى الدمام يعرج قليلاً على الأحساء، وربما حرض يتواصلون عبره مع آبائهم وأجدادهم الذين ركبوه في يوم من الأيام.. فإذا كانت الطفرة أتت على البيوت التراثية القديمة، وأزالت معالم الأيام الماضية، فالشكر مرفوع لكل من ساهم في بقاء القطار على حاله كما كان أيام العمال السعوديين الذين ينطلقون من الرياض ومن الأحساء للبحث عن فرص عمل في شركة أرامكو.. فالراكب الهادئ المنزوي في ركن من عربات القطار يستطيع بقليل من الإصغاء والتخيُّل أن يسمع صخب شباب الأربعينات، والخمسينات، والستينات، وهم في طريقهم للأيام الجديدة.. (فدار ابن لقمان على حالها والقيد باق..) لا أتذكَّر بقية البيت الشعري، ولكن ما أتذكَّره يعبِّر عن الحال.
بعد أن فشلت الأحلام المستديمة في إصلاح حال قطار الشرق استدارت الأحلام الوطنية نحو الغرب.. هذا ما نلاحظه عند اقتراب صدور الميزانية كل عام، وإذا كان للمسؤولين أحلامهم المتصلة بالسباحين الرقمية (دجتال سباحين) كما بيَّنت لكم في المقال السابق فأنا أيضاً لي أحلامي.
كلما ذهبت إلى مكة وشاهدت معالم تراثية قديمة هُدمت وأقيم مكانها نيويورك جديدة أشعر بهزة في عمودي الفقري.. عندها تداهمني أحلام القطار مرة أخرى.. لماذا نحلم بقطار ينطلق من الرياض إلى جدة، ولا نحلم بقطار ينطلق من جدة إلى مكة.. أرسم مخططاً كاملاً يبدأ من محطة قطار في مطار الملك عبد العزيز، وينتهي بمحطة قطار تحت الحرم المكي الشريف.. ينطلق قطاري من مطار الملك عبد العزيز على سطح الأرض حتى إذا اقترب من مكة والمناطق المزدحمة فيها يدخل تحت الأرض في نفق يمتد حتى يستقر تحت الحرم المكي الشريف، وهذه المحطة تشكِّل المحطة الرئيسية لشبكة قطارات مكة تحت الأرضية (أندر قراوند).. منها تنطلق قطارات إلى أنحاء متفرقة من مكة من بينها طبعاً منى ومزدلفة.. بهذا المشروع نترك محيط الحرم الشريف يحتفظ بطابعه الإسلامي والعربي العريق، ونوفِّر في نفس الوقت مساكن لكل زوار البيت العتيق من حجاج ومعتمرين.. حيث تنتشر الفنادق والمساكن وخدمات الحجيج في أنحاء مكة.. فكما نعرف فقطار النفق الأرضي لا يعوقه شيء.. يغطي أكثر من عشرة كيلومترات في أقل من ثلاث دقائق، فالحاج أو المعتمر يستطيع أن يسكن على بعد عشرة كيلومترات من الحرم ويؤدي كل الصلوات فيه في نفس الوقت.. حتى في أيام الحج المزدحمة سوف نستغني نهائياً عن السيارات والحافلات الضاجة.. الذي أعرفه أن قطار لندن تحت الأرضي يحمل يومياً أكثر من ثلاثة ملايين راكب يطوف بهم أنحاء لندن.. فإذا توفرت محطة قطار تحت الحرم المكي الشريف تحيط بها عشر أو عشرون بوابة ضخمة تؤدي كلها إلى بوابات الحرم الشريف.. نستطيع بذلك أن نلغي مشاريع اللهط ونزع الملكيات ببلايين غير مبررة، ونُبقي على مكة متواصلة مع تراثها العربي والإسلامي الأصيل.
أحلام في أحلام يا سادتي يا كرام وإلى اللقاء مع السباحين الرقمية كل عام.

فاكس: 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved