الميزانية العامة للدولة للعام 2004م - 2005م، والتي أقرها مجلس الوزراء مؤخراً يمكن القول: إنها جاءت لتلبي التوقعات العقلانية للاقتصاد السعودي، وهي توقعات تقتضيها فلسفة التوسع المدروس في المشاريع الإنتاجية والخدمية الذي باتت توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - أكمل عنايتها وحرصها.
فالقارئ للتوجهات العامة للميزانية يرصد مقدار الدعم الكبير الذي خصصته للقطاعات الخدمية الضرورية، حيث بلغ ما تم اعتماده للتعليم العام والتعليم العالي والتدريب بأنواعه المختلفة تقنياً وفنياً ومهنياً، ما يوازي الربع تماماً من إجمالي قيمة الاعتمادات، ولعل هذا يؤشر وبقوة إلى التوسع الفعلي في المجالات التعليمية والتأهيلية التي تحتاجها بلادنا الآن وفي المستقبل، وخصوصاً ما يرتبط منها بالخطط الطموحة المرسومة لسوق العمل السعودي وضرورة توطين المهن والوظائف بأقصى حد ممكن في هذه السوق الواسعة والمتجددة.
وهناك أيضاً ما تم تخصيصه للمشروعات الجديدة التي يصل عددها للعام القادم إلى الضعف مقارنة بما كانت عليه في ميزانية العام السابق.. وهو ما يعد مؤشراً أيضا إلى تدعيم خارطة القطاعات الإنتاجية والخدمية الموجهة لصالح المواطن والاقتصاد معاً.
إن البرامج التنموية التي تتضمنها خطة التنمية الثامنة ستجد حظاً وافراً من الغطاء المالي، ومن هنا تتأكد المطابقة بين الأقوال والأفعال الحكومية، وهي كذلك فعلا، فلم يعد من الممكن إطلاق الشعارات البراقة والوعود الطنانة في شأن خلق كيانات إنتاج جديدة أو تعزيز مشاركة أبناء الوطن في التنمية عبر التوظيف مثلا، حيث إن الأفعال وصدق البيانات التفصيلية باتت عنصر الحسم والتوكيد هنا.. يظهر ذلك من خلال العديد من الأمثلة منها ما تم تخصيصه مثلاً للصندوق العقاري وبنك التسليف كما أن القطاع الخاص السعودي ظل المستفيد الأكبر من ذلك التوجه العقلاني للأداء المالي للدولة، إذ تتوسع مشاركة هذا القطاع عاماً بعد عام في عمليات البناء والتنمية الوطنية من خلال طرح المزيد من أفكار التخصيص والمشاركة في إدارة مشاريع القطاع العام، عدا عن الدعم الذي توفره الدولة للقطاع الخاص ما يمنحه مزيداً من حرية الحركة داخلياً وخارجياً.
إننا نقدر في القطاع الخاص ونثمن عالياً جهد الدولة وحرصها على توفير الاستقرار (والرفاه) الاقتصادي والاجتماعي لإنسان هذا الوطن ولأجياله المقبلة.
|