Saturday 11th December,200411762العددالسبت 29 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

سورية ولون السلام الجديد سورية ولون السلام الجديد

* دمشق - الجزيرة - عبدالكريم العفنان:
ربما لم يتأخر رد شارون كثيراً على سعي دمشق للسلام، كما أن أركان حكمه لم يستقبلوا الدعوة السورية بالجدية اللازمة. لكن ما أطلقته سورية كسر على الأقل حالة التشنج الدولية تجاه التسوية، على الأخص أنه تزامن مع آليات سياسية لم يكن آخرها زيارة أبو مازن إلى دمشق.
وضمن المؤشرات الأولية فإن السلام لم يعد مرهوناً بقرار سياسي فقط، فهو محكوم اليوم بصورة الشرق الأوسط بعد احتلال العراق، بكل ما تحمله من تطرف وتوتر. حيث بدأت الإستراتيجية الدولية بربط هذه العملية مباشرة مع عمليات الإرهاب، في وقت يعتبر بعض الإستراتيجيين أن الحرب ضد الإرهاب لن تكون ناجحة دون حل نهائي لمسألة السلام. عملياً فإن السلام انهار مع التغير الحاد في الديموغرافية الإسرائيلية، بحيث غدت الأحزاب الدينية منطقة استقطاب لأي حكومة جديدة. والسلام انهار أيضاً بعد أن تحول من (عملية) و(تجربة) دولية إلى إجراءات سياسية فقط لا يتم عبرها بحث عمق السلام داخل
المجتمعات، أو مراعاة الوضعية الثقافية للدول العربية في تعاملها مع هذا الموضوع. ويبدو أن الرغبة السورية لم تصطدم فقط بتصريحات شارون، بل أيضاً بخلط إستراتيجي ألغى عملياً أي حالة من التوازن على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وجعل الأدوار التقليدية لدول المنطقة مستحيلة، وربما نجد انعكاساً لهذا الموضوع عبر ما قامت به إحدى الفضائيات التي تحدثت عن أن غالبية السوريين يرون أن المفاوضات مع إسرائيل تضر بالمصلحة السورية.
هذا الاستفتاء يدفع بشكل سريع لقراءة الرأي العام تجاه السلام، وربما عزله عن الإجراء السياسي، لا سيما أن التجربة المصرية في هذا الموضوع أنتجت أشكالاً من التطرف، فما يرتبط بالسلام اليوم يترتب عليه تبدلاً عاماً حتى في الأشكال الثقافية للمجتمع، فالأحزاب القومية ستجد في السلام نهاية لأيديولوجياتها، والتيار الديني سيواجه الحالة كنوع من مصادمتها مع الشارع.. أما مسألة التراث الاجتماعي فإنها أعقد بكثير لأن الأمر يرتبط بتكوين تاريخي يربط أحياناً ما بين (إسرائيل) و(الحروب الصليبية). السلام مع إسرائيل يمكن النظر إليه كحالة جيوستراتيجية جديدة للمنطقة، والسلام من جهة أخرى تحدٍ أمام الثقافة الاجتماعية لإبداع آليات جديدة ليس في التأقلم مع الحالة الجديدة، بل في استيعاب الواقع وإيجاد مستقبل جديد، لأن السلام لم يعد مرهوناً برغبات أشخاص أو تيارات، فهو مواجهة اجتماعية قبل أن تكون سياسية، وإطلاق المواقف لا يكفي، لأن الوصول إلى مصطلح السلام بدلاً عن الصراع يعني أن هناك شكلاً فكرياً لم يستطع تحقيق أهدافه. إن واحة السلام (الشرق أوسطية) لا تنتظر اليوم تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، وربما ليس بالضرورة سماع تأكيداته عن التحسن بالعلاقات الإسرائيلية - العربية، أو بأن تل أبيب ستمد يدها إلى سورية عندما يكون الوقت مناسباً. لأن المؤشرات لا تعطي عمليات التسوية أفقها الإستراتيجي حتى ولو كانت (الملفات الـ20) مع سورية تم إنجازها حسب قول موفاز، فبعد أكثر من عقد على افتتاح هذه العملية لا بد من العودة لقراءات محطاتها الأساسية ليس على صعيد المباحثات أو الإنجازات.. بل الانهيارات المتلاحقة التي مدت المنطقة بتيار من العنف. إن السلام ارتبط منذ البداية بالحديث عن الرفاه الاقتصادي، في ظل نوع من الركود الذي ساد المنطقة قبل (عاصفة الصحراء). ثم تفاعل مع مفاهيم العولمة ليتم الحديث عن حالات التأسيس للشرق الأوسط الجديد داخل المنظومة العالمية... وأخيراً يتم الحديث عن الديمقراطية والسلام، وترتبط التسوية، على الأقل على المسار الفلسطيني، بالحديث عن انتخابات نزيهة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved