يحتفل العالم الغربي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد في العاشر من ديسمبر 1948م بعد الانتهاكات المدمرة في الحرب العالمية الثانية التي قضت على أرواح الأبرياء، فسارعت الدول الغربية في أعقاب هذه الفجيعة إلى سن القوانين التي سمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن منطلق الطبيعة البشرية فقد أثبت هذا الإعلان عجزه فتم إدخال إضافات عليه في العهدين:
أ- العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية عام 1966م.
ب - العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية عام 1966م.
علماً أن عدد الدول التي كانت تتمتع بعضوية الأمم المتحدة حينذاك (58) دولة فقط من أصل (189) دولة التي تشكل عضوية الأمم المتحدة اليوم ومما يؤكد الطابع الغربي للإعلان غياب أكثر الدول الإسلامية والعربية عن صياغة الإعلان، بسبب وقوعها تحت وطأة الاستعمار الغربي أو لم تكن على علم واطلاع بأبعاد صياغة المواثيق والصكوك الدولية لحقوق الإنسان ولم تدلِ بدلوها في هذا الموضوع الحيوي الهام.
وحيث نصت المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لذا نجد أن الشريعة الإسلامية قد سنت الأنظمة والقوانين التي تحفظ للإنسان كرامته وحريته قبل هذا الإعلان بقرون طويلة وقد تميزت عنه بما يلي:
1- مصدر الحقوق في الشريعة الإسلامية مبني على أن السيادة والحاكمية لله وحده عز وجل قال تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} وقال تعالى { أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} .
2- الثبات والدوام فلا تتغير هذه الحقوق بتغير الزمان وتبدل الظروف والأحوال.
3- انسجامها وتكاملها مع طبيعة الدين الإسلامي فالإسلام لم يترك الحقوق مجردة بل جعلها في ضوء الأحكام الشرعية ومقاصدها وقرنها بآدابها وأخلاقها. وجعل الإخلال بتلك الآداب إخلالاً بهذه الحقوق.
4- انبثاق حقوق الإنسان من نظرة الإسلام للمجتمع والفرد فسيادة المجتمع فرع عن سيادة أفراده وليس العكس كما الحال في الأنظمة الوضعية وكما هو في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد على حرية الفرد من دون التأكيد في الوقت نفسه على حرية المجتمع كما فعل الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وكل مواد الإعلان تقريباً تبدأ بعبارة: كل شخص - أو عبارة كل فرد.
5- السبق الزمني فالحقوق في الإسلام لم تتحقق بعد صراعات فكرية أو ثورات ومطالبات كما هو الشأن في تاريخ حقوق الإنسان في الغرب فالمبادىء والأحكام من الوحي الإلهي على سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
6- إنه يوجد فارق جوهري بين نظرة الإسلام إلى حقوق الإنسان ونظرة الحضارة الغربية إليها فالحضارة الغربية حققت أعظم إنجازاتها في هذا المجال بتحويل حقوق الإنسان من حقوق طبيعية إلى مطالب سياسية، بينما يجعلها الإسلام - في نصوصه الثابتة - حقوقاً ربانية إذ الشريعة الإسلامية تنظر إلى حقوق الإنسان على أنها فرائض إلهية وواجبات شرعية، أما الحضارة الغربية فتراها مجرد حقوق، وأحد الفروق الجوهرية بين الحق والواجب أن الأول قابل للتنازل عنه وممارسته ليست ملزمة بينما الثاني لا يستطيع صاحبه إسقاطه ويأثم إن فرط فيه أو تنازل عنه.
تتجلى حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين في يوم 27 شعبان 1412هـ على النحو التالي:
أولاً: الحقوق الأساسية وتتضمن ما يلي:
أ- حق المساواة وقد نصت عليه المادتان التاليتان:
المادة الثامنة: ويقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
المادة السابعة والأربعون: حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك.
ب - حق الحياة وقد ورد في المادتين الآتيتين:
المادة التاسعة: الأسرة هي نواة المجتمع السعودي.. ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولى الأمر.. واحترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد.
المادة العاشرة: تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية ورعاية جميع أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
ج- حق الأمن كما ورد نصاً في المادتين التاليتين:
المادة السادسة والثلاثون: توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلا بموجب أحكام نظامية.
المادة السابعة والثلاثون: للمساكن حرمتها.. ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام.
د- حق الكرامة وقد ورد هذا الحق في المواد التالية:
المادة السابعة والثلاثون: للمساكن حرمتها.. ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام.
المادة الثامنة والثلاثون: العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نص نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.
المادة الأربعون: المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال مصونة.. ولا يجوز مصادرتها أو تأخيرها أو الاطلاع عليها أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام.
هـ - حق العدالة كما ورد نصاً في المادتين التاليتين:
المادة الثامنة: يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
المادة السابعة والأربعون: حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك.
ثانياً: الحقوق الاجتماعية والثقافية وتتضمن ما يلي:
أ- حق التكافل الاجتماعي وقد ورد نصاً في المادة التالية:
المادة السابعة والعشرون: تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارىء والمرض والعجز والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية.
ب - حق التعليم والثقافة وقد ورد نصاً في المادتين التاليتين:
المادة التاسعة والعشرون: ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة، وتعنى بتشجيع البحث العلمي وتصون التراث الإسلامي والعربي وتسهم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية.
المادة الثلاثون: توفر الدولة التعليم العام.. وتلتزم بمكافحة الأمية.
ج - حق الإنسان في البيئة وقد ورد نصاً في المادة التالية:
المادة الثانية والثلاثون: تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها.
د - حق الإنسان في الرعاية الصحية كما ورد نصاً في المادة التالية:
المادة الحادية والثلاثون: تعنى الدولة بالصحة العامة.. وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن.
هـ - حق الإنسان في التنمية وقد ورد في المواد التالية:
المادة السادسة عشرة: للأموال العامة حرمتها وعلى الدولة حمايتها وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها.
المادة السابعة عشرة: الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.
المادة الثانية والعشرون: يتم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق خطة علمية عادلة.
ثالثاً: الحقوق السياسية والمدنية وتتضمن ما يلي:
أ- حق الحرية وقد ورد نصاً في المادتين التاليتين:
المادة السادسة والعشرون: تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.
المادة الثامنة والثلاثون: العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.
ب - حق العمل وقد ورد نصاً في المادتين التاليتين:
المادة السابعة عشرة: الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.
المادة الثانية والعشرون: يتم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق خطة علمية عادلة.
المادة الثالثة والعشرون: تحمي الدولة عقيدة الإسلام.. وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله.
ج - حق المشاركة السياسية كتولية الوظائف العامة والشورى ونحو ذلك كإبداء الرأي في سير الأمور العامة وتخطئتها أو تصويبها وفق ما يعتقده ويراه في إطار الضوابط الشرعية والنظامية.
وقد ورد نصاً في المواد التالية:
المادة الثامنة: يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
المادة السادسة والعشرون: تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.
المادة الثالثة والأربعون: مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن ولكل من له شكوى أو مظلمة ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون.
د - حق الملكية وقد ورد نصاً في المواد التالية:
المادة السابعة عشرة: الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.
المادة الثامنة عشرة: تكفل الدولة حرية الملكية وحرمتها.. ولا ينزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً.
المادة التاسعة عشرة: تحظر المصادرة العامة للأموال ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي.
وبهذا ندرك أن النظام الأساسي للحكم يعد مشتملاً على غالب مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عدا مادتين لم يتضمنهما النظام الأساسي للحكم لمخالفتهما الصريحة للكتاب والسنة وكذلك المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم التي تنص على ما يلي:
يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.
وتعد المادتان السادسة عشرة والثامنة عشرة، من أبرز المواد المثيرة للجدل والمخالفة لشرع الله حيث تعطي المادة السادسة عشرة الرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج الحق بالتزوج بدون قيد بسبب الدين وهذا مخالف للشريعة الإسلامية التي تحرم زواج المسلمة من غير مسلم صيانة للأسرة من الانحلال بسبب الاختلاف في الدين عند عدم احترام الزوج بموجب عقيدته لمقدسات زوجته.
أما المادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فتعطى لكل شخص الحق في حرية تغيير دينه وهذا محرم في الدين الإسلامي لئلا يدخل أحد في الإسلام إلا بعد سبق بحث عقلي وعلمي وقناعة تامة تنتهي بالعقيدة الدائمة التي تقطع الطريق على المضللين والمفسدين وأمثالهم من الدخول في الإسلام ثم الارتداد عنه حيث يقع تحت طائلة العقوبة استئصالاً لعوامل الفساد في الأرض ممن دأبوا على الإفساد فيها.
* رئيس لجنة التنظيم الإدراة بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان
ونائب رئيس لجنة الرصد والمتابعة
|