أدرت مؤشر المذياع على إذاعة القطر الشقيق (قطر) وإذا بي أستمع إلى أصوات نسائية ناعمة تردد سامرية عايشناها.. في مسامراتنا.. ورددناها في الأعراس والاحتفالات الشعبية، ومن قبل رددها آباؤنا وأجدادنا..
فجأة انطلق صوت الفنان الكويتي (حسين جاسم) يردد منفرداً هذا اللون الشعبي المنبثق من نجد من اللون السامري.. لم يحرِّفه.. وأبقى على أصوله.. مجرد تنسيق موسيقي بديع.. صاغه في إطار جميل يردد مطلعه تلك الأصوات النسائية بالصورة الأصلية.. وعلى دقات إيقاعية متزنة.. منغَّمة بآلة (الأكورديون) بصوت رخيم.. كأنين سانية أثقل عليها الدهر.. وتآكل محورها بفعل العطاء..
لم أستغرب نجاح الفنان حسين جاسم في أداء هذا اللون الشعبي فهو فنان قدير وجدير.. ولكن الذي أستغربه وأستعجبه كيف كنا في غفلة عن هذا اللون الشعبي ونحن أهله وذووه..؟ وكيف استطاع حسين جاسم إن كان هو الذي أخرج هذا اللون الشعبي وحققه بصورة غنائية موسيقية.. أن لا يغير فيه.. أو يدخل عليه ما يشوِّهه.. ثمة تعديل طفيف على بعض الكلمات.. قد يكون مجرد تهذيب فقط.
هل يستمر جمود فنانينا وتجاهلهم لهذه الفلكلورات مما يعرِّض العديد منها للعبث والضياع.. بل تجريدها من هويتها الأصلية.. لماذا ينزوي سعد إبراهيم في هذه الكينونة اللا مجدية.. بألحان لا تزيد عن حصيلته الفنية بقدر ما تنفر العديد من المعجبين به وبفنه.. لماذا لا يهتم فنانو المنطقة الوسطى بألوانهم الشعبية.. أين مشاركة أبي سامي، وأبي سعود الحمادي، وعودة العودة.. في إحياء هذه الألوان الشعبية، وتطويرها تطويراً موسيقياً غنائياً، إنني أخشى أن تتعرَّض لفنوننا الشعبية أيدٍ غير أمينة فتعبث بها.. وتمسخ صورتها.. وتشوه معالمها ونحن واجمون..
لو أن الفنان الكويتي حسين جاسم تغنى بهذا الفلكلور الشعبي، وحرَّف فيه.. فهل نملك حقاً في مناقشته، أو محاسبته؟ .. أما الآن وقد أخرجه بصورة نرضى عنها ووشاه بحلي من الآلات الموسيقية الحديثة.. والتي كان أجدادنا لا يعرفونها.. فتحية للفنان حسين جاسم، عندما تكون الخيبة من نصيب الفنانين الذين تناسوا وتجاهلوا هذه الفنون.. وهم الأصحاب الشرعيون له.. والورثة الحقيقيون.. إلا أن يستيقظوا من إغفاءتهم عن تلك المصادر الثرية.. والثروة الفنية الكبرى.. نأمل أن نراهم هم الأحرى بتطويره.. والاهتمام به.. والحرص عليه.. ولن يخيبوا لنا ظناً.. ولن يشحوا علينا بجهد.. فنأمل.
محمد الرويبعة |