Friday 10th December,200411761العددالجمعة 28 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الزميل الذي رحل الزميل الذي رحل
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف /حريملاء



وكيف تلذ طعم العيش نفسٌ
غدت أترابها تحت التراب

قبل وفاة الزميل الشيخ محمد بن عبدالله الصغير بيومين اتصلت عليه مسلماً ومخبراً له بأني قد كتبت كلمة تأبين عن وفاة زميلنا الشيخ إبراهيم بن محمد المحيميد فطلب صورة من تلك الكلمة الوجيزة، ولو علم بما في ضمير الغيب لما طلبها.. فبادرت ببعثها عبر اللاقط (الفاكس) بواسطة فضيلة رئيس محكمة الرس الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين وما لبث أن هاتفني فضيلته قائلاً: عظم الله أجرك في زميلكم الشيخ محمد بن عبدالله الصغير.
وقد سبق القدر وصول الكلمة إليه حيث انتقل إلى جوار ربه بعدما صلى الفجر في المسجد المجاور لمنزله يوم الاثنين 9-10-1425هـ وصلي عليه عقب صلاة العصر في جامع الشايع بالرس الذي اكتظ وساحاته بجموع غفيرة من الرجال والنساء وبحضور أعداد هائلة من البلدان المجاورة والمحافظات..
وقد تبعه إلى إحدى المقابر هناك خلق كثير داعين المولى له بالمغفرة وطيب الإقامة في جدثه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكان لهذا النبأ وقع مؤلم في نفسي، كيف لا وهو من رفاق عمري وزميل الدراسة بدار التوحيد بالطائف عامي 71-1372هـ .
ثم بالمعهد العلمي في الرياض حتى نال الشهادة العالية بكلية الشريعة عام 1378هـ، ثم عين قاضياً في محافظة الرس عام 1379هـ فرئيساً في نفس المحكمة حتى تقاعد في عام 1416هـ، فكل يوم نودع راحلاً وغائباً لا يؤوب من الزملاء والأحبة، فقوافلهم في الآونة الأخيرة تسير بهم مسرعة إلى ملتقى الراحلين، وهذه سنة الله في خلقه:


لعمرك ما أدري وإني لأوجل
على أينا تعدو المنية أولُ

ولقد خيم الحزن على أجواء محافظة الرس لفقده ورحيله وبعده عن أهله وأسرته ومحبيه، وعن طلبة العلم الذين يتلقون عليه الدروس داخل المسجد المجاور لمنزله في كتاب المستقنع وفي النحو والفرائض وغير ذلك من المتون المفيدة، فهو غزير في علمه واسع الأفق كثير الاطلاع.
وقد كان رئيساً لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الرس، كما أن له دوراً في الفتوى وإصلاح ذات البين في مجتمعه..، ومن سماته الحميدة الكرم ورحابة الصدر وهدوء الطبع وطيب المعشر، فهو قليل الكلام كثير الفوائد، وأملنا في الله ثم في فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن حمين الذي خلفه في رئاسة المحكمة الشرعية بألا ينسى تلك البراعم، وطلاب العلم الذين حزنوا على فراق شيخهم محمد بأن يكون خير خلف لخير سلف في الانصات إلى متلقي العلوم وتبصيرهم بما يخفى عليهم - وقد فعل أثابه الله - ولسان حاله يردد هذا البيت:
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل (فوق) ما فعلوا
ولي معه ذكريات لا تغيب عن خاطري ولا أزال أتذكر تلك الأيام الجميلة والأمسيات المشرقة بدار التوحيد بالطائف وسويعات الآصال في أفياء هاتيك الجبال المتربعة على ميادين (قروى) غربي المدينة التي نزاول فيها بعض الأنشطة ونستذكر الدروس بها حتى قبيل غروب الشمس مدة أيام الدراسة هناك.
وأتذكر جيداً مكان جلوس الشيخ محمد تحت تلك الصخرات منذ أكثر من نصف قرن هو وزميلنا الذي رحل منذ سنوات طوال: صالح السمنان رحمهما الله جميعاً.
فطلاب دار التوحيد لهم مكانة عالية باقية في شعاب نفسي، ولعل الغربة التي جمعتنا بالدار، وبالقسم الداخلي الذي يحتضن الطلبة المغتربين أمثالنا من أسباب تقوية أواصر المحبة والألفة، فما أجملها من أيام والشمل جامع لنا


بلد صحبت به الشبيبة والصبا
ولبست ثوب العمر وهو جديد

والعزاء في رحيله وفي ذلك كله أنه ترك آثاراً طيبة، وخلف ذرية صالحة تدعو له وتجدد ذكره بالأعمال الجليلة والإخلاص في الأعمال التي توكل إليهم في خدمة الوطن وأهله..
وإنا لفراقك يا أبا عبدالله لمحزونون، غفر الله لك وأسكنك عالي الجنان، وألهم ذريتك ومحبيك الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved