أكثر من سبب يدفع بأمين عام الأمم المتحدة إلى دائرة الضوء، وقد ترد إلى الذهن مباشرة الاتهامات الأمريكية، خصوصا، ضد الأمين العام بما فيها ما أشيع حول تورط ابنه في مخالفات ذات صلة ببرنامج النفط مقابل الغذاء، لكن الأجندة الأمريكية بشأن الرجل قد تختلف عن النظرة إليه من قبل آخرين بما في ذلك هؤلاء الذين ينتمون إلى الدول النامية وتحديدا الدول الإسلامية، فقد ألقى عنان مؤخراً كلمة في ندوة بنيويورك عكست تطلع المسلمين إلى سماع صوت ينصفهم أمام حملات جائرة لا تفتأ تربط الإسلام بالإرهاب..كلمة عنان، في ندوة بعنوان (مواجهة الخوف من الإسلام.. تعليم التسامح والتفهم) تكتسب أهميتها من منصبه كأرفع مسؤول دولي، كما تعتبر شهادة لصالح الإسلام من شخص بهذا الثقل غير مسلم، ولطالما حاول المسلمون الدفاع ضد هذه التهم التي تربط الإرهاب بالإسلام، غير أنهم وهم يفعلون ذلك اعتبرهم الآخرون أنهم إنما يدافعون عن دينهم، وهو موقف طبيعي، لكن اللافت أن ينبري للدفاع عن الإسلام شخصية دولية مرموقة غير منتمية لهذا الدين.. وقد نفذ عنان مباشرة إلى صلب الموضوع ومس النقاط الأساسية التي تثير قلق المسلمين حينما انتقد الميل السائد إلى ربط الإرهاب والعنف بالإسلام، مؤكدا ضرورة ألا يحكم على الإسلام من خلال أعمال المتطرفين الذين يستهدفون ويقتلون المدنيين عن قصد.. كما نبه الأمين العام إلى محاولات تشويه المعتقدات الإسلامية ونزعها من سياقها ومن بينها ادعاء البعض بأن الإسلام على نقيض الديمقراطية وأنه يرفض الحداثة وحقوق المرأة، وأخذ على بعض الدوائر السماح بالإساءة إلى المسلمين بدون استهجان مما أعطى الانطباع بأن التحيز ضد الإسلام مقبول.. لقد عكست كلمة عنان تفهما واسعا لطبيعة الإسلام التي يحاول الكثيرون في الغرب التجني عليها، دون أن يقفوا على حقيقة ديننا الذي يركز على المعاملة الحسنة ويحض على التعاون بين الشعوب وينبذ العنف وقتل الأنفس بغير حق، ومع ذلك فإن دوافع سياسية ومصالح ضيقة جعلت من الإسلام العدو الأول لعدة جهات، حيث يستغلون في هجماتهم عليه أفعالا تنسب إلى أناس محسوبين للأسف على الإسلام وبصفة خاصة أحداثا مثل اعتداءات 11 سبتمبر.. غير أن أصواتا عديدة صارت أقرب إلى تفهم ما يحدث، وهؤلاء بدأوا يتحدثون مؤخرا عن أن التطرف هو أمر لم يسلم منه دين من الأديان، غير أن الانتقاء المقصود للإسلام وربط التطرف به يعكس توجها مبيتا للنيل من هذا الدين..إن الأصوات المحايدة والتي تتميز بالعقلانية تظهر، رغم كل شيء، وسط هذه الضجة المثارة ضد الإسلام، وتبرز الحاجة الشديدة إلى التواصل مع هذه الأصوات، خاصة إذا كانت ذات تأثير في مجتمعاتها لصالح تدعيم رؤاها الإيجابية عن الإسلام وتشجيع نهجها من أجل توضيح الغموض الذي ينتاب الكثير من الشعوب والتي لا تتفهم ما يحدث في العالم الإسلامي على وجه الدقة..
|