جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب)، وقال السلف الصالح: (الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل).. لكن من منّا يستطيع أن يدعي أنه مطلع على ما في قلب إنسان ما، وأن يحكم بأنه قلب صالح نقي أو فاسد عصي، بالطبع لا يوجد من يستطيع أن يدعي ذلك، لأن ذلك من صفات الخالق جلّ وعلا، فهو وحده المطلع على السرائر، العالم بخبايا النفوس، وما تكنه القلوب، وليس لبشر أياً كان أن يشاركه في صفاته أو ينازعه في قدرته سبحانه.
لكن مما يؤسف له أن نجد من المسلمين من يتجرأ على ذلك، فيتهم هذا بأنه يفعل ما يفعله من طاعات من صلاة، وصيام، وزكاة، وإحسان إلى الناس رياء ومفاخرة تيهاً، وأن قلبه خالٍ من الإيمان، وفي المقابل نجد من يدعي أن هذا الشخص الملتزم دينياً وسلوكياً بأنه متشدد متنطع يتهم نيته اتهاماً غريباً. أقول: لا يملك أحد تقديم الدليل عليه، كما أنه ليس من صالح أحد أياً كان أن يسعى لتقديم هذا الدليل الذي يدعم اتهامه، ولهذا لم يشرع أن يعاقب إنسان إنساناً على ذنب الرياء أو التفاخر والتباهي والكبر، بل الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعاقب على كل إثم أو معصية تضمرها النفس من حقد أو حسد أو كراهية أو غيرها من الآثام، ما لم تخرج من قلب ونفس صاحبها في صورة عمل ملموس، ونحن علينا بالظاهر، والله يتولى السرائر.
فما بالنا نرى اليوم من يطلق اتهامات بالتكفير والتفسيق ضد رجال نراهم يعتادون المساجد لصلاة الجماعة، وقد جاء في الحديث الشريف:إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان؟! وما بالنا نسمع من يقول للمتمسكين بشرع الله: لا يهمك هؤلاء ولا تغرك مظاهرهم فإن قلوبهم خاوية؟!
وما بالنا نرى من يدعي ادعاءً جائراً أنه يرى لون قلب أخيه المسلم، فيقول متساهلاً: إن قلبه أسود، أو نيته غير صافية.
ولهؤلاء نقول: من أعطاكم مفاتيح صدور الناس لتروا ما في قلوبهم؟ وتحكموا بفسادها أو نقائها؟ ولماذا تقولون بما ليس لكم به علم؟ فتشيعوا بذور الشك والريبة والفرقة وإساءة السمعة والعداوة بين كيان مجتمعنا المسلم، بدرجة لا تقل خطورة عمّا يفعله أعداء الإسلام، فهل يوجد من يستطيع الإجابة؟.
|