تعتبر المحافظة على أسرار العمل من الواجبات الملقاة على عاتق الموظفين سواء كانوا يعملون بالقطاع الحكومي أو القطاع الأهلي، فبغض النظر عن طبيعة عمل أو أهمية أي وظيفة عامة أو خاصة فإنها لا بد أن تتضمن من المعلومات والبيانات والوثائق الشيء الكثير الذي لولا شغل الموظف لها لما أمكنه الاطلاع على كل المعلومات والبيانات والوثائق التي قد يكون من بينها العديد من الأسرار المهمة، سواء كانت تلك الأسرار ذات طابع شخصي وتتعلق بأفراد المجتمع الذين لهم مصالح لدى شاغل الوظيفة كتلك المتعلقة بالمواليد والضمان الاجتماعي والوضع الصحي والمالي والأمني ونحو ذلك، فمثلاً الموظف الذي يعمل في مجال تسجيل المواليد يمر عليه يومياً مئات الحالات، فمن واجبه التكتم حول أصحاب تلك الحالات بحيث لا يتحدث في مجالسه الخاصة عنهم كأسماء عوائلهم، وبالذات عندما تكون الحالات غير عادية كحالات التوائم والإعاقة ونحو ذلك، كذلك الطبيب والممرض والصيدلي يمر عليهم العديد من الحالات وقد يكون لدى بعض أصحاب تلك الحالات أمراض غير عادية ولا يرغبون انتشار العلم بها في المجتمع، كما قد يكون أصحاب بعض تلك الحالات العلاجية من النساء، وبالذات في الأمراض النسائية واللاتي لا يرغبن في انتشارها بما لوضع المرأة من حساسية اجتماعية، كذلك موظف البنك فبحكم عمله قد يطلع على أرصدة عملاء البنك فيجب عليه عدم التحدث عن تلك الأرصدة لكونها من أسرار العمل.
كما أن الأسرار الوظيفية قد تكون، وهو الغالب، ذات طابع عملي أو عام وهي تلك الأسرار المتعلقة بنشاط الجهة الإدارية أو المؤسسة الأهلية، كما أنها قد تتعلق بالمصلحة العامة للدولة أو مصلحة المجتمع، ومن تلك الأسرار الخاصة المتعلقة بالعمل مثلاً الأسرار بالأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية، فالموظف الذي يدلي للصحافة بمعلومات غير مصرح بنشرها أو يقوم بالاحتفاظ بأصول بعض الأوراق الرسمية يعتبر مخالفاً لواجب المحافظة على الأسرار الوظيفية، ولذلك فإن المحافظة على أسرار العمل تهدف إلى مراعاة المصلحة العامة من الضرر الذي يترتب على نشر الأسرار الوظيفية ومراعاة مصلحة المواطن بتلافي ما يؤدي للتأثير السلبي على سمعته أو التشهير به.
وواجب المحافظة على أسرار العمل لا يقتصر على فترة شغل الوظيفة، بل إنه يتجاوز ذلك إلى ما بعد ترك الموظف للخدمة، ويعتبر الموظف مسؤولاً عن الأضرار التي تترتب على قيامه بإفشاء أسرار عمله، فقد تلحقه المسؤولية الجنائية إذا أدى السر الذي كشفه إلى ارتكاب جريمة جنائية سواء بحق الوطن أو الفرد العادي، كما يمكن أن يسأل مدنياً إذا ترتب على السر أو الأسرار التي أفشيت أضرار مادية أو معنوية، حيث يلتزم الموظف الذي قام بإفشاء السر الذي أدى للضرر المادي أو المعنوي بالتعويض الذي تقرره الجهة المعنية، كما تلحقه المسؤولية التأديبية إذا أدى إفشاؤه سراً من أسرار عمله إلى مخالفة مالية أو إدارية بحيث يحال للتحقيق وتوقع عليه العقوبة المناسبة. أما متى يعفى الموظف من مسؤولية إفشاء الأسرار فإن ذلك يحصل في الحالات التالية:
- إذا سمحت الجهة المعنية التي يدخل السر ضمن نشاطها بإفشائه ويتم ذلك في الغالب عندما يستنفد السر أغراضه أو يصبح شائعاً بين الناس.
- إذا كان إفشاء السر يؤدي إلى منع ارتكاب جريمة.
- إذا وافق الشخص الذي أصابه الضرر من إفشاء السر على إفشائه.
- إذا كانت مصلحة العمل تتطلب إفشاء أي من الأسرار، كأن يتم ذلك من خلال المناقشات التي تتم بين الرؤساء والمرؤوسين، أو عندما يتم تدريب موظف جديد. وتعتبر المحافظة على الأسرار الوظيفية وعدم إفشائها إلا في الحالات السابقة من الواجبات الوظيفية التي أوردتها الأنظمة الوظيفية السعودية، سواء ما يتعلق منها بالعاملين في الأجهزة الحكومية أو بالعاملين في المؤسسات الأهلية، ففي الأنظمة الحكومية يؤدي قيام الموظف بإفشاء السر الوظيفي مخالفة إدارية تستوجب التحقيق والعقاب المناسب حسب أهمية السر الذي تم إفشاؤه، أما في نظام العمل والعمال فإن قيام العامل بإفشاء أحد أسرار العمل أو أسرار صاحب العمل فإن ذلك يؤدي إلى أحقية صاحب العمل في فصله من عمله بدون أي التزام عليه بدفع المكافأة أو التعويض المقابل لخدمته لديه.
|