لأجلك غُصَّت بالدموعِ المحاجرُ
تجسِّدُ حزنًا لا يوفِّيه شاعرُ
دموعي دموع الشيخ والحزن حزنُهُ
وأكثرُ مما بانَ ما أنا ساتر
(أبا فيصلٍ)، صبرًا على كلِّ ما جرى
فأنت كعهدي ثابتُ العزمِ صابرُ
إذا كنت موجوعًا لفقدك غاليًا
فللمصطفى قد ذاب بالوجد حاجرُ
عزاؤك أنَّ الناس آتٍ وراحلٌ
ومن طال مكثًا فهو للموتِ صائرُ
هو الموتُ من ينجو غدًا منه ما نجا
فبعد غدٍ تُحْنَى عليه الأظافرُ
ولولاه ما كانت لدنياك لذَّةٌ
ولا مُلِئت بالذاهبين المقابرُ
(أبا فيصلٍ) أُلهِمتَ صبرًا بفقده
وأنزلهُ الله العلي فهو قادرُ
ونوَّر بالنور المقدَّسِ قبرَهُ
وكان معينًا يوم تُبْلى السرائرُ
(أبا فيصلٍ) إن كان (سلطان) بينكمْ
فغادركمْ، من ذا الذي لا يغادرُ؟
(أبا فيصلٍ) كفكف دموعك؛ إنَّها
على قلبنا (جمر الغضا) المتساعرُ
وفي النفس مما أنت فيه توجُّعٌ
ولكنَّ حبلي عن نجَادِكَ قاصرُ
بذلت لأهل العلم وقتك كلَّه
وكنت لذي الحاجات نعم المناصرُ
تتاجر بالأُخرى وتترك غيرها
لغيرك، يبني مالهُ ويكاثرُ
أطال لك الله البقاءَ متوَّجًا
بتاجِ معافاةٍ فمثلك نادرُ
وإني لأدعوهُ مُلِحًا وضارعًا
(أبا فيصلٍ) لا فارقتك البشائرُ
(أبا فيصلٍ) ما قلتُ بيتًا لغايةٍ
فذلك حقٌ قد قضته المشاعرُ
فإن قصَّرت عما أُكِنُّ قريحتي
فمثلي له عذرٌ، ومثلك عاذرُ