أشاد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة بالنجاح الذي حققته الهيئة العليا للسياحة في بناء مؤسسة عصرية ذات جهاز يتسم بالمرونة والفاعلية، ويعمل وفقاً لأسس الإدارة المعاصرة، وآليات القطاع الخاص ويتبنى ثقافة مهنية تركز على النتائج. وأكد سموه على ضرورة تنمية القطاع السياحي عبر تحفيز الاستثمارات ومشاريع الخدمات السياحية وأن الهيئة تعمل الآن على تذليل العوائق التي تعترض الاستثمار في هذا المجال كي يسهم بدور أساسي في عملية التنمية السياحية، وكلنا نعلم بأن رأس المال السعودي يستثمر في معظم دول العالم وهو قادر بإذن الله على ان يستثمر سياحياً في بلاده التي تمتلك كافة عناصر النجاح ولله الحمد.
وأشاد سموه في حديث نشرته سياحة سعودية بقدرات المواطن السعودية الذي أثبت جدارته ونجاحه في جميع المجالات التي فتحت أمامه، ودعا الشباب السعودي إلى الانخراط في العمل الذي يتاح له في المجال السياحي أيضاً وأن يعمل على تطوير قدراته وخبراته ليصل إلى أعلى المناصب بإذن الله. وفيما يلي نص الحديث:
* سمو الأمير.. مضى ما يزيد على أربع سنوات على تأسيس الهيئة العليا للسياحة، هل يشعر سموكم بالرضا عما حققته الهيئة حتى الآن؟
- أود أن أؤكد قبل الاجابة على هذا السؤال ان الرضا عن الإنجاز لا يعني الاكتفاء به، وإنما ينبغي أن يكون حافزاً لبذل المزيد من الجهد والعطاء لتحقيق الأهداف، وهو ما يمكن قوله فيما يتعلق بالهيئة العليا للسياحة، حيث اعتقد ان الحكم عليها يجب أن يأخذ في الاعتبار طبيعة المهمة المناطة بها، والمتمثلة في تنمية السياحة الوطنية بالمملكة لتكون قطاعاً حيوياً في منظومة الاقتصاد الوطني، وهي مهمة ليست سهلة على الاطلاق، فالسياحة بطبيعتها صناعة واسعة ومعقدة ومتشعبة ولها العديد من الأبعاد الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والبيئية، والتنظيمية وغيرها، وما حققته الهيئة خلال هذه الفترة التي تعد قصيرة بالنظر إلى عمر المؤسسات الحكومية الناشئة، وبالنظر أيضاً إلى طبيعة المسؤوليات التي تضطلع بها، أمر يبعث على الفخر والاعتزاز، فهي - كما نرى - قد نجحت في بناء مؤسسة عصرية ذات جهاز يتسم بالمرونة والفاعلية، ويعمل وفقاً لأسس الإدارة المعاصرة، وآليات القطاع الخاص، ويتبنى ثقافة مهنية تركز على النتائج، كما أنها استطاعت أن توجد بيئة عمل وفق أسس الإدارة الإلكترونية، بالإضافة الى انها نجحت في إعداد وتقديم استراتيجية متكاملة لتطوير السياحة الوطنية وفق أسس علمية رصينة، وما يؤكد ذلك شمولية هذه الاستراتيجية لمجالات عدة كتنمية الموارد البشرية، والتسويق، والمنتجات السياحية، والمقاييس وضبط الجودة، والأنظمة، والإدارة السياحية وغيرها. ولأهمية هذه الاستراتيجية وللدور الكبير المؤمل منها فقد تم إقرارها من قبل مجلس إدارة الهيئة، ومجلس الشورى، ومن ثم مجلس الوزراء الموقر.
ولوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ، تبنت الهيئة العديد من المبادرات التي تسهم في مواجهة التحديات والتغلب على العوائق المؤسسية والتنظيمية والإدارية والاجتماعية والتمويلية والاستثمارية في قطاع السياحة، كما بدأت باعداد استراتيجيات تنموية للسياحة في مناطق المملكة، والعمل على بناء التنظيمات السياحية التي ستسهم - بإذن الله - في تنفيذ تلك الاستراتيجيات، مثل أجهزة السياحة في المناطق، والجمعيات المهنية وغيرها. ولعلكم تتفقون معنا بأن جميع ما سبق يشعر المرء بالكثير من الارتياح، وأنا على يقين بأن هذه الجهود الكبيرة في التخطيط المدروس والمتأني والتنفيذ الدقيق سوف تؤتي ثمارها بإذن الله، وسيكون معيار الحكم على أداء الهيئة وشركائها في تنمية السياحة هو مدى تحقيق الأهداف التي انشئت من أجلها الهيئة، وأجزم اننا نقترب كل يوم من تحقيق هذه الأهداف، بشكل متأن ومدروس يناسب طبيعة هذا القطاع المتداخل، ويهيئ أفراد المجتمع وكافة الأطراف المعنية للمشاركة في تطوير هذه الصناعة، التي سيكون نتاجها بإذن الله ثمرة يقطفها جميع أبناء المملكة في مختلف المناطق والمحافظات.
* سمو الأمير.. الحديث عن الثمار المرجوة من السياحة يقودنا إلى تساؤل كثيراً ما يطرح حول جدوى توجه المملكة، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم نحو تنمية السياحة رغم ما يكتنف هذه المهمة من صعوبات اقتصادية واجتماعية وثقافية عدة؟
- منذ وقت مبكر أدركت الدولة ان النفط ثروة ناضبة وليست دائمة، وأن الأجدى هو الاستثمار في الإنسان والموارد والمقومات الكامنة في المملكة، وتم البدء فعلاً في تطوير صناعة البترول ومشتقاته، وحققت نجاحات كبيرة ومشهودة في هذا المجال، لكن الدولة سعت إلى جانب ذلك وبشكل متوازن إلى تنويع مصادر الدخل من خلال الاهتمام بتطوير مختلف الجوانب الصناعية والزراعية والخدمية واستثمار الإمكانات والثروات الأخرى التي تمتلكها، ومن أهمها المقومات السياحية التي تتمتع بها المملكة، لاسيما وان السياحة تعد من أهم الصناعات اسهاماً في الناتج المحلي، وأكثرها تشغيلاً للأيدي العاملة على مستوى العالم، كما أنها تمتاز بالعديد من الفوائد التي لا توفرها الصناعات الأخرى، مثل حفز التنمية الاقليمية المتوازنة عبر زيادة المشاريع السياحية في المناطق والمحافظات، وإبراز صورة تعكس قيم المجتمع، وتسلط الضوء على موروث المملكة الغني بالتراث الثقافي، وتعزز الانتماء الوطني، وتعرف بالثقافات المحلية المتنوعة، كما تسهم في حماية الموارد الطبيعية وتشجع الاستخدام الامثل لها.
ومن المعروف للجميع ان السياحة ليست أمراً غريباً أو طارئاً على هذه البلاد التي تستقبل سنوياً ملايين الزوار القاصدين بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكما حققت دول اقل من المملكة في مقوماتها الاقتصادية والسياحية تنمية جيدة يشار إليها بالبنان، فمن باب أولى ان نسعى نحن إلى توظيف واستثمار امكاناتنا المعطلة في هذا المجال، وأعتقد ان ابناء هذه البلاد قادرون بإذن الله على التغلب على أي صعوبات تواجههم.
* رعى سموكم توقيع العديد من الاتفاقيات بين الهيئة وعدد من الوزارات والمؤسسات العامة، ماهي الأهداف التي تسعى إليها الهيئة من خلال تلك الاتفاقيات؟
- اختطت الهيئة منذ البدايات الأولى لتأسيسها منهجاً للعمل يقوم على إشراك جميع الجهات ذات العلاقة بالسياحة في القطاعين الحكومي والخاص وحتى أفراد المجتمع في اتخاذ القرارات المتعلقة بصناعة السياحة وذلك لكون السياحة في جوهرها نشاطاً متعدد الأطراف ووثيق الصلة بقطاعات الاقتصاد الاخرى، وقد جاء تشكيل مجلس إدارة الهيئة ليعكس هذا النهج حيث ضم في عضويته وزراء ومسؤولي الجهات ذات العلاقة بالتنمية السياحية بالاضافة إلى نخبة مختارة من المواطنين، والاتفاقيات التي وقعتها وستوقعها الهيئة مع المناطق والوزارات والجهات ذات العلاقة تأتي في إطار تعزيز وتفعيل منظومة الشراكة وتنسيق الجهود المبذولة في القطاع السياحي وتوحيدها ليضطلع الجميع بالأدوار المنتظرة منهم لتنفيذ الخطط والمشاريع التي تضمنتها استراتيجية تنمية السياحة الوطنية، حيث تعنى الاتفاقيات الموقعة مع المناطق بالتنسيق والعمل المشترك لإعداد وتنفيذ استراتيجيات التنمية السياحية فيها، وكذلك تأسيس أجهزة التنمية السياحية على مستوى المناطق بهدف ايجاد نظرة شاملة تركز على تنمية السياحة بمنهجية منظمة وموجهة نحو الاحتياجات ومتطلبات التنمية. أما الاتفاقيات الخاصة بالوزارات والمصالح الحكومية المعنية بالتنمية السياحية فتهتم بتحديد المسؤوليات وتوزيع الأدوار والمهام بين الهيئة وهذه الجهات في مجالات معينة متداخلة ذات علاقة بقطاع السياحة.
وهذه الاتفاقيات هي آليات مرحلية لتحقيق الأهداف والنتائج المرجوة، وليست هدفاً بحد ذاتها، ومن ثم فإنها لا يمكن ان تؤتي ثمارها الا بتضافر جهود الجميع، والعمل بروح الفريق الواحد لتفعيلها، وتنفيذ كافة ما تتضمنه من بنود.
* وضعت الهيئة العليا للسياحة هدفاً لها خلال المرحلة الحالية هو (إعادة هيكلة صناعة السياحة جذرياً وتنظيمها) ماذا يعني هذا الهدف، وما الذي تحقق منه حتى الآن؟
- كما يعلم الجميع أن السياحة في المملكة في الوقت الحاضر عبارة عن فعاليات واعدة ولكنها متناثرة ومشتتة ولم تتحول بعد إلى صناعة متكاملة ومترابطة، ولكي يتحقق هذا الهدف لابد من العمل على احداث نقلة نوعية عميقة في قطاعات السياحة، وإعادة هيكلتها جذرياً من خلال تنظيمها وتأسيس الشراكات وبناء الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص، ويتطلب ذلك عدة أمور منها ما تحقق ومنها من شأنه أن يتحقق بإذن الله ومن ذلك تطوير نشاطات الهيئة لتتمكن من إعادة هيكلة القطاع العام السياحي وتأسيس تنظيمات السياحة على مستوى القطاع الحكومي وكذلك على مستوى القطاع الخاص، وايجاد بيئة ملائمة تؤدي إلى تطوير مجموعة من المنتجات السياحية المتنوعة والمنافسة، وتحسين جودتها حسب ما أقر في الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية وتطويرها.
أما بالنسبة لما تحقق في هذا المجال فالواقع ان الهيئة أنجزت خطوات عملية مهمة فيما يتعلق بإعادة هيكلة الصناعة، حيث انهت استراتيجيات التنمية السياحية في معظم المناطق، وبدأت فعلياً في تنفيذها، كما يجري العمل على إنشاء أجهزة سياحية محلية بعضها بدأ العمل فعلياً منذ أشهر كما في منطقة حائل، كذلك بدأت الهيئة بالعمل على تركيز النشاطات التجارية السياحية ضمن إطار منظم لتمكين القطاع العامل في المجالات والخدمات السياحية من القيام بالمهام والواجبات المناطة به، كما وفرت الهيئة قاعدة أساسية من المعلومات المهمة والضرورية عن قطاع السياحة عبر مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس)، وأنجزت خطوات مهمة فيما يتعلق بالمساهمة في سعودة القطاع السياحي، وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية للعمل فيه، وغيرها من الأعمال التي سيرى الجميع ثمراتها قريباً إذ سيشهد العام القادم العديد من المشاريع والبرامج المهمة التي سيكون لها انعكاس كبير على تنمية هذه الصناعة الواعدة.
* سمو الأمير.. أعلنت الاستراتيجية العامة لتنمية السياحية الوطنية ان فرص العمل المتوقعة في القطاع السياحي ستبلغ خلال فترة تنفيذ الاستراتيجية قرابة 1.5 مليون وظيفة، هل يرى سموكم انه يمكن فعلياً تحقيق هذا الرقم، وما هي كلمتكم لرجال الأعمال وللشباب السعودي حول هذا الموضوع؟
- هذا الرقم الذي أشرتم إليه هو ما حددته الاستراتيجية العامة لتنمية السياحة، ونحن متفائلون إن شاء الله بإمكانية تحقيق هذا الرقم، فهو كما أعلم قد حدد وفق معطيات ودراسات علمية دقيقة، ولكن من الطبيعي ان يكون تحقيق ذلك مشروطاً بدعم تنفيذ الاستراتيجية العامة، وتمكين الهيئة من إنجاز الخطط والمشروعات والآليات التي حددتها، ومن المهم في الفترة الحالية التركيز على تأهيل وتدريب الشباب السعودي للعمل في قطاعات السياحة المختلفة ليتسنى لهم الاستفادة من فرص العمل المتوافرة حالياً في تلك القطاعات، وهذه المهمة ليست سهلة، ويجب أن تتضافر جهود الجميع في هذا المجال، وأنتهز الفرصة لأقول للأخوة المستثمرين والمسؤولين في القطاعين العام والخاص وكافة الجهات المرتبطة بالسياحة ان مسؤولياتكم هنا كبيرة وأساسية، ومن المهم ان نعمل جميعاً لتنمية وتطوير هذا القطاع المهم الذي سيكون له مردوده الكبير على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، بما في ذلك توفير فرص العمل لأبناء الوطن الذين يجب علينا تأهيلهم واتاحة الفرصة لهم للعمل في هذا المجال، فالمواطن أثبت جدارته ونجاحه في جميع المجالات التي فتحت امامه كما أدعو كل شاب سعودي أن يقبل بالعمل الذي يتاح له في هذا المجال، وأن يعمل على تطوير قدراته وخبراته ليصل لى أعلى المناصب بإذن الله.
* تزخر مناطق المملكة المختلفة بالعديد من المقومات الطبيعية والتراثية التي يمكن استغلالها وتنميتها سياحياً، كيف يمكن الاستفادة من تلك المقومات؟ وكيف يرى سموكم مستقبل السياحة السعودية بشكل عام؟
- اعتقد أن السياحة السعودية ينتظرها مستقبل مشرق بإذن الله، والسبب أن العوامل تتضافر حالياً على توجيه هذه الصناعة الوجهة الصحيحة فالدولة أنشأت الهيئة العليا للسياحة لإدراكها أهمية السياحة، ومشروع تنمية السياحة هو مشروع طموح يشترك الجميع في تنفيذه، بعد أن ساهموا في إعداده، ولدينا كافة المقومات المطلوبة لتنمية السياحة سواء أكانت طبيعية أو ثقافية أو اجتماعية، لكن الاستفادة المثلى من المقومات التي تمتلكها بلادنا يتطلب العمل على تنمية الاستثمار السياحي، وتحفيز المشاريع والخدمات السياحية فنحن لدينا آلاف المواقع التي لم تستثمر بالرغم من أهميتها الكبيرة سياحياً، وهي تشكل مجالاً واعداً للتنمية المستقبلية، والهيئة تعمل حالياً على تذليل العوائق التي تعترض الاستثمار في هذا المجال، وذلك من خلال تهيئة المناخ الملائم والمحفز للقطاع الخاص كي يسهم بدور أساسي في عميلة التنمية السياحية، وكلنا نعلم بأن رأس المال السعودي يستثمر في معظم دول العالم، وهو قادر بإذن الله على أن يستثمر سياحياً في بلاده التي تمتلك كافة عناصر النجاح ولله الحمد.
وصناعة السياحة في المملكة كما نراها -وهو ما أكدته الدراسات العلمية والتجارب الدولية- هي صناعة كبيرة ومنتجة، وأي نجاح لها يجير للوطن وأبنائه، ومن الأهمية بمكان أن نتكاتف جميعاً من أجل تحقيق مصلحة الوطن والمواطن إن شاء الله.
|