Thursday 9th December,200411760العددالخميس 27 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

لن يكفيهم أن تكون معتدلاً!! لن يكفيهم أن تكون معتدلاً!!
فهد الحوشاني

تقف على الرصيف مؤثرا الابتعاد عن ساحة المعركة التي يشتد (وطيسها) ورغم أنك مبتعد إلا أن كميات لا بأس بها من الغبار المتطاير تصل إلى حلقك تتكدس أكواما مختلفة الأحجام في دهاليز أنفك حتى تشعر بأن قد تضخمت لديك (اللحمية) من جديد! المعركة قريبة ولا ضرورة لتسحب منظارك المكبر من جرابه لتستطلع الأمر، فبالعين المجردة يمكن لك أن تشاهد الحدث، صراع وصراخ عالٍ جداً يكاد يصم الآذان تطلقه الفئات المتناحرة لا يمكن قياسه حتى بوحدة (الديسبل) ! أحدهم يصرخ: أيها العلماني الحداثي، يرد عليه الآخر: أيها الأصولي المتطرف المتشدد.. آخر يرد: أنت متأمرك (نسبة إلى أمريكا) بل ومتأسرل (نسبة إلى إسرائيل) ! يرد آخر عليه: يا متأفغن ويا متطلبن!
بعد تلك الصيحات الافتتاحية (المقبلات) يبدأ الهجوم، يبدو ان فئة تكاد ان تسحق الأخرى، هجوم يعقبه عدد من الهجمات المرتدة يمكن رصدها! الأيدي تتشابك يقتربون منك يصعدون على الرصيف الذي هربت إليه خوفا من لعبة الموت والإقصاء التي يلعبونها بلا ملل! الآن أقدامهم تدوس على قدميك وأيديهم تمتد فوق رأسك تتشابك الأيدي وها هو كوع أحدهم يستقر في هامتك تدور بك الأرض رغم أنها تدور منذ أن خلقها الله ألا أنك لأول مرة تتأكد من ذلك عملياً!.. تُخرج جوالك من جيبك وتحاول أن تطلب.. الشرطة.. لا .. يوجد شبكة.. اليوم إجازة.. قدرك انك هنا في هذا الشارع الذي لا يخلو من صراع وفتوات.. الكل يحاول السيطرة على الشارع يضع متاريسه وحواجزه..
الحمد لله الآن الوقت (بين الشوطين) راحة لجميع الفرق.. توقف الغبار بدأت الرؤية تعود إلى عينيك.. هاهم يركبون سيارتهم (الأمريكية) الفارهة يعودون أدراجهم ينتظرون أن يدق الجرس ليمارسوا متعة الصراع فيما بينهم وحرب الكراسي المعلقة بين السماء والأرض!
اذا كنت (معتدل) القامة فلن تكون كذلك بالنسبة لإحدى الفئتين لن تراك عيونهم كذلك سيحاولون أن يجدوا اعوجاجاً فيك، الاعتدال الحقيقي بالنسبة لهم أن تكون معهم لا أن تكون محايداً، في هذا العالم الجديد لا يكفي أن تكون في الوسط يجب أن تكون ضد أو مع، هذا هو المنهج الفكري الجديد أو القديم الذي تم إعادة تدويره من جديد بفعالية اكبر بعد أن تم وضع (ماطور) أمريكي له! بعد كل ذلك عليك أن تجر نفسا ثم آخر تتنهد ببطء بعد فقد تبين لك أن العالم يتغير للأسوأ، الفكر العنيف هو سلاح الدمار الشامل الذي بدأ ينتشر استخدامه الآن وهو رخيص الثمن ومهيأ للجميع أن يحصلوا عليه بل ويستخدمونه ضد أفكار الآخرين وفيما بعد حرياتهم وأجسامهم.. غاية الألم أن تفتح عينيك صباحا فتسمع تدريبات وهمهمات لبدء الصراع بين فئتين أو أكثر كل منهما يريد ان يقضي على الآخر وكأن تلك هي مهمتهم في الحياة!! لكنهم قبل أن يقضوا على بعضهم البعض و (نرتاح منهم) فالواضح انهم قضوا أو كادوا على استمتاعنا بحياة هادئة!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved