كتب الأخ أحمد عبد العزيز السلوم موضوعا في عدد الجزيرة 11743 وتاريخ 10 شوال 1425هـ ، كان بعنوان نريد أكثر من حلقة (أريد ولداً) وكان يتحدث عن الحلقة التي جاءت في مسلسل طاش ما طاش .. وانتهزها فرصة لأكتب عن تلك الحلقة وما جاء فيها ، وفي الحقيقة لن أقول ان تلك الحلقة كان مبالغا فيها ، بل سأقول ان تلك الحلقة لم تكن منصفة أبداً ، لأنها عمّمت الفكرة على الجميع دون استثناء ، حيث اتهمت كل الشباب بالانحراف والعدول عن الطريق السوي وحمل أفكار هدامة ، بينما جعلت من الفتيات جميعهن ملائكة للرحمة وهن من يسرن على الطريق الأمثل وهذا خطأ كبير جدا ، فالمسألة نسبية بين الجنسين ولا نستطيع أن نقول ان هذا الجنس أفضل من الآخر ، فهذا الأمر أقصد الاستقامة والانحراف يخضع لأمور كثيرة ومعطيات جمة ، منها الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئة وحتى الشخصية والنفسية ، ولا يتسع المجال لذكرها ، ولكن في نهاية المطاف هناك من الشباب من رفع رأس أسرته ووطنه عالياً ، وذلك بأخلاقه وإبداعه وتفانيه واخلاصه وطاعته وقبل ذلك بدينه وهناك العكس.
وما ينطبق على الشباب يسري على الفتيات أيضا ، إذاً ففي كل الجنسين من هو صالح ومن هو طالح ، وهذه حقيقة لا نستطيع إنكارها وقد أنكرتها تلك الحلقة .. أيضا مبدأ أننا نريد الولد فهذا صحيح ، ولكننا لا نكره البنت أبداً ولكن إرادتنا للولد جاءت من خلال موروث شعبي توارثناه أباً عن جد ، وذلك لاعتبارات كثيرة واعتقادات لدى الأب ، كاعتقاده أن الابن سيحفظ اسمه ويرفع مكانته ويحافظ على مستوى أسرته الاجتماعي ويحفظه من الانقراض ، إضافة إلى الابن سيقوم برعاية الأب عند كبره واحتياجه إليه ، والنقطة الأهم أن الأب يعتقد بأنه في أي وقت وأي مكان ومتى ما أراد أو احتاج ابنه فإنه سيجده بجانبه في طرفة عين ، أما الفتاة فإن الأب يعتقد أنها مهما بقيت عنده فإنها مفارقة ، وستصبح يوما في عصمة رجل آخر وربما يراها الأب وربما لا يراها ، خصوصا إذا انتقلت إلى مكان بعيد أو كان زوجها لا يسمح لها بزيارة أهلها لأي سبب من الأسباب ، وهي لا تستطيع بطبيعة الحال أن تجبره على ذلك.
أيضا اعتقاد الأب بأن البنت لن تحمل اسم العائلة ولن تخدمها كما هو حال الابن ، وكلنا يعرف أنه في بعض الدول بمجرد أن تتزوج الفتاة فإنها تسمى باسم زوجها وتترك اسم عائلتها للأبد .. أيضا قد لا يستطيع الأب أن يرى ابنته وهو في أمس الحاجة إليها وفي أشد مرضه.
وعموماً ليس شرطاً أبداً أن تكون هذه الاعتقادات صحيحة ، ولكنه العُرف الاجتماعي .. أيضا للأسف الحلقة رسخت ودعمت المفهوم الاجتماعي الخاطئ الذي يقول ان المرأة هي المسؤولة عن نوع المولود - بعد إذن الله وقدرته - وهذا اعتقاد خاطئ علمياً ، ولكنه أيضا الجهل والعُرف الاجتماعي ، فمعظمنا يعرف الحقيقة العلمية (XX) التي تحملها الأنثى و(Xy) التي يحملها الذكر. وليس هناك مجال للتفصيل فيها ومن أراد أن يعرف فليقرأ عن ذلك ، ولكن المحصلة النهائية لهذه الحقيقة تقول ان الرجل هو المسؤول عن نوع المولود وليست المرأة وهي المستقبلة التي تخرج ما يزرع فيها .. ولو أن تلك الحلقة ركزت على هذه النقطة لكانت رائعة ومفاجأة كبيرة للكثير ، ولغيّرت الكثير من المفاهيم .. ولكن أعتقد بأنها راعت مشاعر الرجل وأحاسيسه ودمّرت الأنثى .. وكيف ضمن المؤلف أن الرجل إذا تزوج بأخرى سينجب الذكور ؟ ففي هذا تجن على العلم والحقيقة .. أرجو ألا يغضب الرجال وألا ترتفع رؤوس النساء غروراً ولكنها الحقيقة.
عبد الرحمن بن عقيل المساوي
اخصائي اجتماعي
ص.ب 155546الرياض 11768 |