السرعة التي تعاملت بها أجهزة الأمن مع حادث القنصلية الأمريكية في جدة، تظهر الدرجة العالية من الاستعداد الأمني وتجويد الأداء مع التقدير الدقيق للخطر والتعامل معه بالجدية اللازمة، وكل هذه العناصر تشيع المزيد من الثقة في رجال الأمن كونهم دائما في الموقع الصحيح وفي الوقت المناسب.
هذه التجربة هي انعكاس أيضا للموقف الحازم الذي تتخذه الدولة تجاه الإرهاب، وهو موقف يجد الترجمة الحقيقية له في مثل هذا الاستعداد والفورية في التعامل مع المشاكل لحظة وقوعها، غير أن العمل الأمني على أهميتة القصوى يسير بشكل مواز مع جهود متعددة تبذلها الدولة للقضاء على ظاهرة الإرهاب المقيتة، فهناك العمل التوعوي المستمر الذي يحاول سد أية ثغرة قد يستغلها الإرهابيون خصوصا فيما يتصل بترويج الأفكار الشاذة وسط جموع الشباب، وهذا ميدان واسع للعمل وهو يتطلب إلى جانب جهود الدولة المبادرات الفردية على مستوى العلاقات الاجتماعية وعلى مستوى كل أسرة في توعية ابنائها بهذه المخاطر والتنبيه إلى مساوئ الانزلاق إلى الأفكار الضالة التي تتواتر من خلال فهم غير صحيح للتعاليم الاسلامية، خصوصا وسط أناس لا تتوفر لديهم الدراية الموثوقة بأمور الدين.
ومن المهم الاشارة إلى أن هذه الجرائم تستغل الدين بشكل مباشر، وانها من خلال هذا الاستغلال تحاول تمرير أجندتها التي تشمل أموراً عديدة بينها استهداف الاستقرار الذي تنعم به هذه البلاد .. وهؤلاء وهم يفعلون ذلك انما يقدمون مساعدة لآخرين يستهدفون ضرب الدور الحيوي والمحوري للمملكة في محيطها العربي والإسلامي ودورها البارز في الشؤون الدولية بشكل عام.
إن المخاطر الماثلة كثيرة، ولهذا فإن المسؤولية تشمل كل مواطن ، فعليه أن يتبين بوضوح أن استهداف الوطن من قبل هذه الفئات الضالة يستوجب انخراط الجميع في مواجهة هذه الجماعات، وأن من المهم دائما أن ينظر الانسان إلى ما حوله في الأسرة وفي المحيط الاجتماعي ليرى ملامح هذه الاخطار، ومن ثم يسعى لتطويقها سواء من خلال عمليات التوعية بالنصح والإرشاد أو بما يتطلبه الأمر وفقا للخطورة التي يمثلها بالإبلاغ عن الظواهر الجديدة أو ما يطرأ من أمور.
إن نتائج مشجعة تتحقق حاليا من خلال تضافر الجهود الأمنية والتوعية، حيث تم تفادي الكثير من الأخطار وإحباط تحركات مريبة في مهدها، ومن المهم دائما الحفاظ على حالة التأهب طالما أن هناك أناساً يتحركون ضد أمن المواطن والوطن ويستهدفون ضرب هذا الكيان متى سنحت الفرصة.
|