* تغطية - أحمد القرني:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند) صباح أمس بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض افتتاح المؤتمر الدولي بالشرق الأوسط حول (اضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه) بحضور معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع ومعالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وعدد كبير من المسؤولين والمشاركين. هذا وقد بدأ حفل الافتتاح بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى الدكتور قاسم بن عثمان القصبي نائب المستشار والمشرف العام على أعمال الإدارة المدير العام التنفيذي رحب فيها بالحضور وأكد أن الأبحاث والدراسات المتخصصة في هذا المضمار تؤكد على ضرورة تضافر الجهود بين المختصين في المجالين التربوي والصحي لمجابهة هذه المشكلة من ناحية تشخيصية وعلاجية فضلا عن مشاركة الأهل في التنبه لهذه الظاهرة، الأمر الذي يمكن من خلاله الوصول إلى تشخيص دقيق وبالتالي تحقيق نتائج علاجية مشجعة. ولعل هذا المؤتمر سيساهم بصورة فعالة في دراسة هذا الاضطراب وتأطيره ووضع الخطط الوطنية المناسبة لمعالجته.
ثم ألقى معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع كلمة بهذه المناسبة رحب فيها بسمو الأمير والحضور وبين أن هذا المؤتمر الهام الذي ينظمه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالتعاون مع الأمانة العامة للتعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم، هو الأول من نوعه الذي يعقد في المملكة وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط بأسرها، ليبحث ويناقش شؤون وشجون واحدة من أهم المشكلات الصحية التي تمس وبشكل مباشر فئة عزيزة على قلوبنا جميعاً، وهذه المشكلة هي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى أحبائنا الأطفال بسبب الغموض الذي يلف أسبابه والكيفية المثلى للتعامل معه بالإضافة إلى النقص الكبير في الدراسات الإحصائية حول المصابين به.. وتكمن أهمية هذا الموضوع انطلاقا من كونه يتعلق بشريحة هامة من فلذات أكبادنا، أكثر من غيرهم ولأن هذا المرض عبارة عن اضطراب عصبي - نفسي تسببه مكونات جينية وراثية تتأثر بعوامل بيئية إلا أن الأبحاث الطبية الحديثة لم تحدد بشكل قاطع الأسباب المؤكدة لهذا الاضطراب الذي يتسم المصابون به بسلوكياتهم الفوضوية ويواجهون صعوبات ومشاكل كبيرة في تحصيلهم الدراسي وهو ما تؤكده الدراسات العلمية.
إن تشعب الأسباب المؤدية إلى هذا المرض يحدونا الى أن نطالب العديد من المؤسسات المعنية بالعمل على إبداء مزيد من التعاون والتنسيق المشترك لوضع الخطط الكفيلة بمواجهة هذا المرض وتكثيف الجهود لمحاصرته من النواحي التربوية والسلوكية والصحية بالإضافة إلى العمل الجاد على التخفيف عن الأطفال المصابين بهذا المرض العصبي عن طريق انخراطهم في برامج التعليم الخاص وتقديم الرعاية الصحية الملائمة لهم.
ثم ألقى معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد كلمة رحب فيها بالحضور وبين أن مؤتمر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مؤشر حضاري على اهتمام القائمين به والراعين له بفئة محدودة العدد من أبنائنا وبناتنا تستحق منا الرعاية والاهتمام.. وإذا كانت السمة الأوضح لهذا الاضطراب سمة صحية طبية، فهي لا تنفك عن جوانب ثلاثة: نفسية، واجتماعية، وتربوية تعليمية، ومن هنا كانت سعادتي - بوصفي أحد المسؤولين عن التربية والتعليم - أن أحظى بشرف الحضور معكم.
وإن هذه الفئة موجودة في مدارسنا، خاصة في المرحلة الابتدائية، وهي بحاجة إلى خدمات متخصصة تقدم لها في أماكن وجودها، بعدها ألقى صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز كلمة رحب فيها بالحضور وقال كل منا يرغب ويطمح إلى أن يرى المجتمع الذي يعيش فيه مجتمعا متكاملا، وليس كاملا.. ومن مقومات تكامل المجتمع أن نراعي تفاوت الشرائح والفئات والطبقات والأفراد فيه، وألا ننظر في التعامل معهم من منظور واحد.
بداية يسرنا أن نرحب بكم، ونحن نلتقي في هذه المناسبة العلمية التي تشكل رصيدا في الجهود البحثية لمستشفى الملك فيصل التخصصي.
لا شك أن البحث العلمي من أهم ركائز التقدم الذي تنشده كل أمة، والحضارات التي ارتقت عبر التاريخ لم تبلغ شأوها وعظمتها إلا باتساع أفق البحث في العلم بمختلف التخصصات والتطبيقات.. وفي عالم اليوم البحث العلمي هو مضمار السباق الأهم، وأبرز عوامل القوة والمنعة والتأثير.
وفي تقديرنا أن مدى اهتمام المجتمع بالبحث والدراسات التخصصية النوعية هو شديد الارتباط بجودة التعليم وتطور نظمه ومواكبة المناهج الدراسية للعصر ومستجداته، وتلبيتها الاحتياجات الآنية والمستقبلية.
ولذلك نجد الدول المتقدمة، رغم الأشواط البعيدة التي قطعتها في ارتقاء حضارة العصر، تهتم بمراجعة مناهجها الدراسية وتقويمها بغرض تعزيزها وإعادة النظر في مواطن الضعف والقصور فيها. ولعل من الشواهد البارزة في هذا الخصوص دولتان، الأولى دولة كبرى متقدمة حضاريا في جميع الميادين وهي الولايات المتحدة، فعندما اكتشفت خللا في تعليمها أصدرت في نهايات القرن الماضي التقرير الشهير (أمة في خطر).
والدولة الأخرى تعد من دول العالم الثالث، وهي ماليزيا، فقد قال مهاتير محمد، رئيس الوزراء الأسبق، في إحدى خطبه إن القفزة الحضارية التي حصلت في بلاده هي بسبب التعليم والبحث العلمي.
إن التطوير والتغيير والتجديد ضرورة حياتية، ويحض عليه ديننا الحنيف، وعدم التطوير هو موت بطيء وحكم على الذات بالانزواء وبالخروج من التاريخ. ولكن، برغم وضوح هذه الحقيقة المسلمة، ما يزال كثيرون في مجتمعاتنا العربية أو الإسلامية يجادلون حول جدوى التطوير، ويحيطون بالحساسية المفرطة كل حديث عن التغيير وخاصة في مناهج التعليم، ويصرون على الجمود زاعمين أو ظانين أنه تمسك بالثوابت.
الأخوة والأخوات:
إن هذا المؤتمر العلمي ينطوي على قدر كبير من الأهمية كونه يؤسس لثقافة كانت غائبة عن المجتمع، ويلفت لحالة مرضية لا نأخذها في الحسبان عند تعاملنا مع أطفالنا وبالذات ذوي الاحتياجات الخاصة.
فمن واقع اطلاعنا على خلفية هذا المؤتمر أن اضطرابات فرط النشاط وتشتت الانتباه حالة لا يجب الاستهانة بها، ليس لما تجره من مضاعفات على الشخص المصاب فحسب، ولكن أيضا لخطورتها على المجتمع في حال تزايد أعداد هذه الفئة وتركهم بدون علاج أو رعاية.
وهذه اللفتة العلمية من (التخصصي) هي بداية صحيحة للبحث في هذه الحالة ومدى انتشارها في المجتمع والوقوف على تجارب الآخرين للاستعانة بها في معالجتها والحد منها.
ونود في هذه المناسبة ونحن نتحدث عن حيوية (التخصصي) وفاعليته أن نلفت إلى المشروع البحثي الذي نفذ في مركز علاج الصرع، ودور ذلك المشروع في تركيز الاهتمام على مرض الصرع واستقطاب جهد المجتمع المدني حوله. وكما هو معلوم أن الشخص المبادر بفكرة المركز السيدة أسماء انرايت قد فازت بجائزة (أجفند) العالمية للمشروعات التنموية الرائدة عام 2001م في الفرع الثالث المخصص للمشروعات التي تهدف إلى تعزيز العمل الطوعي في المجتمع.
الأخوة والأخوات:
من بوادر ومؤشرات نجاح جهود التعامل مع الحالة التي تدرسونها في هذا المؤتمر أن المساعي العلاجية يرافقها جهد آخر اجتماعي وإنساني يتمثل في مجموعة المساندة الطوعية التي حددت أهدافا غاية في الأهمية لزيادة المعرفة بالحالة وبث الوعي بمظاهرها، ولتقديرنا أهمية دور هذه المجموعة فقد وجهنا الإدارة التنفيذية في (أجفند) بالتنسيق معها وبحث كيفية دعمها ومساندتها لتبدأ نشاطها.
ومن هذا المنبر ندعو إلى أن يكون عمل مجموعة المساندة بداية لتأسيس جمعية وطنية لرعاية ذوي هذه الحالة ومساعدتهم.
هكذا نلمس دور المجتمع المدني وفوائد إشراكه في اقتسام المسؤولية والأعباء، خاصة في مرفق مهم مثل الصحة لا يجب أن تلقى أعباؤه فقط على الدولة ومما يبعث على التفاؤل أن هنالك توجها محمودا بدأ يسود القطاع الأهلي لدعم الصحة والخدمات الاجتماعية من خلال العمل الطوعي المؤسسي، ومن ذلك قيام جمعيات عديدة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة مثل:
جمعية الأطفال المعوقين، وجمعية (متلازمة داون), وجمعة (إبصار) لرعاية المكفوفين، وغيرها.
ولا شك أن هذه الجمعيات ستزيد وفق حاجة المجتمع، مع اتساع مد العمل الطوعي وتعمق ثقافته، وزيادة الوعي بدور المجتمع المدني.
ومن المؤكد أن العمل الطوعي كي يتعزز وينتشر بغير الصور التقليدية الشائعة والمعروفة يحتاج إلى دعم وتشجيع من ثلاثة أطراف، من الدولة بتيسير عمل الجمعيات، وإزالة العقبات ووضع الثقة فيها مع تسهيل الإجراءات لقيام الجمعيات الأهلية.
ومن القطاع الخاص بتقديم الدعم المادي في صورة أموال أو تبرعات عينية. ودعم من الفرد بوعيه وتفاعله مع هذه الجمعيات ونشاطاتها.
نرجو الله أن يكلل مساعينا جميعا بالتوفيق والنجاح.
والله يحفظكم.
بعدها قام سموه بتدشين إطلاق الموقع الالكتروني ثم قدم نائب المستشار والمشرف للمجموعة على أعمال الإدارة الدكتور قاسم القصبي درع المؤتمر لسمو الأمير طلال بن عبدالعزيز.
|