من كان يظنُّ أننا نخاصم العالم كلَّه حينما نتحدَّث بلغة الإنكار إلى أهل الظلم والطغيان، والاعتداء فيه، فإنه ينحدر إلى وحل (سوء الظن) الذي نهانا الله سبحانه وتعالى عنه، وذلك يدل - غالباً- على عدم فهم ذلك (المسيء للظن) لما نحمله من قيم الإسلام ومبادئه وأخلاقه.
المسلم الحق ليست له مشكلة معقدة مع أحد، ولا يصنع هو المشكلة، ولا يؤجج نارها، وإنما مشكلته الكبرى قديماً وحديثاً ومستقبلاً مع أعداء الخير والإنسانية، أعداء البشر من البشر، الذين يتمركزون حول مجموعة من القوانين البشرية القاصرة وينطلقون في التعامل مع الناس من خلالها، مغلبين جانب مصالحهم الشخصية، ومصالح مجموعاتهم المتقوقعة على نفسها، وهي مصالح تصادم المصالح العامة للناس.
إن الإعلام الصهيوني -بما أوتي من قوة- استطاع -إلى حد كبير- أن يُوهم أبناء الديانة النصرانية واليهودية وغيرهما من ديانات العالم أن المسلمين خصوم لهم، وأن الإسلام دين يدعو إلى الخصومة ويحث عليها. ولقد دعم هذا الدور الإعلامي الصهيوني، تمزق شمل أمتنا المسلمة في هذا الزمن، ونشوب الخلافات المذهبية فيما بين أبنائها، واختلاف المشارب الثقافية والفكرية لمثقفي وعلماء المسلمين في هذا العصر.
وهذا الزعم الإعلامي الصهيوني مخالف للحقيقة مصادم لها، فالمسلمون ليسوا خصوماً للبشر، ولا أصحاب اتجاهات عدائية لهم، وإنما هم ورثة دين إلهي سليم صحيح شامل ختم الله به ديانات السماء التي أرسل بها الأنبياء إلى الأمم السابقة لأمتنا، وهذا الدين يدعو إلى العدل والحق والخير، ومراعاة حقوق البشر جميعاً مسلمين وغير مسلمين، ويوسع دائرة قبوله لكل من يريد أن ينتمي إليه ويعتنقه، أو يتعاون معه ويتعامل، ولا يجد المسلم العارف بدينه الحق مشكلةً -ابداً- في التعامل مع الناس جميعاً.
وإنَّ ديناً يدعو إلى ذلك لا يمكن أن يقر الظلم والاعتداء والخصومة الهوجاء للناس بلا سبب مشروع واضح لا غبار عليه.
إنَّ الدين الإسلامي قائم على الحق، يوضحه للناس ويدعوهم إليه، ولا يجبر احداً على ذلك، ولا يعتدي على أحد من أجل ذلك، ولكنّه دين الجهاد الذي لا خضوع فيه لكل منحرف من البشر يقف رافعاً كفَّ العداء والمواجهة والمصادمة للحق والعدل والخير التي يحملها الإسلام إلى العالمين.
من هذا المنطلق تتضح الصورة الجليّة لموقفنا الواضح من الآخرين، فنحن -مثلاً- نتعامل تجارياً ودبلوماسياً، وعلمياً مع أمريكا، ولا نجد مشكلة في ذلك، ولا نعادي -أبداً- مركزاً علمياً ولا جامعة كبيرةً أو صغيرة في أمريكا مع أنها مراكز يقوم عليها من يخالفوننا في العقيدة والمنهج.
لماذا لا نعاديها؟ لانها مصادر للعلم والفنون الدنيوية المختلفة، فلا مشكلة بيننا وبينها، ولا اضطراب لدينا في التعامل مع صوابها قبولاً، وخطئها رفضاً.
وهذا وغيره يؤكد أننا لسنا خصوماً للعالم بأسره.
ولكننا خصوم لكل ظالم غاشم، وكل مكابر يريد أن ينشر كفره وضلاله في بلاد المسلمين، وكل معتد على حقوق المستضعفين، ومنتهك لأعراضهم، خصوم لمن انحرف عن بشريته وفطرته وأصبح بوقاً لشياطين الإنس والجن وأداة هدم للقيم والأخلاق، فليس هنالك أوضح من هذا الموقف الإسلامي العظيم من كل ما يجري في هذا العالم العجيب.
إشارة:
رويدك فالحياة إذا
قسونا نالها الشَّلل |
|