* الظهران - حسين بالحارث:
انطلقت صباح أمس الثلاثاء بفندق الظهران بمدينة الظهران فعاليات اللقاء الوطني الرابع للحوار الوطني الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لمدة 3 أيام، حيث يجتمع 62 شابة وشاباً من مختلف مناطق المملكة لمناقشة عدد من القضايا المطروحة في إطار هذا اللقاء، وذلك بحضور 40 باحثة وباحثاً يمثلون كافة الاهتمامات المتعلقة بقضايا الشباب وتطلعاتهم.
وفي بداية اللقاء ألقى معالي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري كلمة قال فيها: إننا في هذا الوطن لا نشكو من ندرة الموارد البشرية وهي لا تقل عن أي موارد بشرية أخرى، وثمة تجربتان مررنا بهما في سيرتنا التاريخية الحديثة تدلان على هذه السمة، وتوضحان في الوقت نفسه توافر الإمكانات في تلبية التطور واحتياجاته.
التجربة الأولى: عندما بدأت شركة أرامكو أعمالها في المنطقة الشرقية عام 1370هـ جاءت بفرص عمل كثيرة، ولكن هذه الفرص لها متطلبات غريبة على بلادنا، فمن الطبيعي أن تعتمد على العمالة الأجنبية.
وحينما جاء شباب المملكة للمشاركة في هذه الفرص وجدوا أنفسهم أمام منافسة غير متكافئة، إذ كان الذين ينافسونهم من الاجانب لديهم التدريب، أما شباب الوطن فقد كانت الأمية تغلب على معظمهم، ولم توفر لهم فرص التدريب أو المحفزات التي تجعلهم ينافسون غيرهم في هذا المجال.
وفي عام 1390هـ بلغت نسبة المواطنين في شركة أرامكو أكثر من 90%، وهذا يؤكد قوة الإرادة والاستعداد للتواكب مع المتغيرات.
التجربة الثانية:
قبل ربع قرن مس شباب هذه الأمة الترف، والترف من الأمراض التي لا تفرق بين شخص وآخر، وكان التخوف من آثاره السالبة على شبابنا، ولكن الأيام أبطلت هذا التخوف، فحينما دعا داعي الجهاد استجاب له شباب الأمة بهمة الرجال، ونخوة الفتوة والنبل، وأظهروا في جهادهم همة عالية ورباطة جأش.
فهذان المثلان يدلان على ان مواردنا البشرية تتسم بالوفرة والنوعية.
وأكد أهمية حسن استخدام الأشياء ووضعها في موطنها ودلل بالقول: نلحظ قبل 30 سنة ان المجتمع السعودي حظي بوفرة المال، ولا شك ان المجتمع استفاد من الموارد المالية وتمت على إثرها إنجازات كبيرة، كما ان المجتمع أخفق بعض الأحيان مما نتج عنه الفقر والبطالة، ولو استخدمت هذه الموارد بالنهج الأمثل لانحلت هذه المشكلة.
وأضاف فكل هذا يبرهن أن المهمة الكبيرة التي نتحملها هي كيفية وصول القدرة على الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية ولعل الحل الأمثل ان نجعل العقل هو الحاكم على العاطفة، وان نتعود على التفكير العقلاني، وأن ننأى عن الخيالات والأوهام ونحن نأمل من هذا الحوار ان يسهم في وصولنا إلى هذا المبتغى ويهيئ لنا التعود على التفكير العقلاني والشمولي حتى نواجه مشاكلنا.
ونبه إلى أن حوارنا يعتمد على ركائز رئيسية تتسم مع منهج الحوار البناء ومثاليته ويأتي في مقدمتها الالتزام بالمرجعية حتى يكون الحوار منتجا وبناء، ونحن في الواقع لا نبحث عن المرجعية، فالجميع مسلمون، والاسلام هو المنهج الشامل والكامل للحياة لأن مصدره الرئيس الكتاب والسنة.
ثم الحرية المنضبطة في الاجتهاد فيما وراء ذلك وهذه الحرية يجب ان تتصف بالاخلاص والعلم وعدم التحيز وكان سلفنا الصالح يؤكدون على عنصرين رئيسين في الاجتهاد:
1- الاخلاص في بذل الجهد للوصول إلى الحقيقة.
2- عدم التحيز.
ومن الأمور التي ينبغي ان نتحراها في هذا الحوار: الموضوعية في الطرح، وعدم التعميم في الأحكام، واحترام آراء الآخرين، وعدم التعرض للأشخاص، والتركيز على الأفكار المتلائمة مع صلب الموضوع.
عقب ذلك شاهد المشاركون في الحوار عرضا لتقرير ورش العمل الشبابية بدأت بعد ذلك المداخلات والتعليقات من قبل المشاركين من المثقفين والطلاب والطالبات. وبصورة عامة فقد ركزت معظم المداخلات على نقد مناهج التعليم والمطالبة بتطويرها وكذلك كان هناك نقد لاذع للمعلمين وأدائهم ومستواهم وكما كانت هناك مطالبات بضرورة الاهتمام في البحث العلمي.. وفي مداخلتها ذكرت الدكتورة عزيزة المانع الأستاذة في قسم التربية في جامعة الملك سعود ان التعليم قدم الكثير ولكنها تساءلت عن هدف التعليم ووسائل أداء التعليم.
وتساءل أيضاً الدكتور خليل بن عبدالله الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود عن الإجماع الذي لمسه في أوراق العمل الشبابية على ضرورة تطوير المناهج وبين ما يثار في الصحف ووسائل الإعلام من قبل البعض مشيرا إلى أن هذه المطالبات بتطوير المناهج تعزز وتساعد مهمة تطوير المناهج ولا سيما أن هذا التطوير يعد مطلبا وطنيا.
أما الدكتورة حصة القنيعير فقد قالت في مداخلتها: هنالك انفصال بين النظرية والتطبيق في التعليم خاصة في العلوم الإسلامية مشيرة إلى بعض الامثلة ومنها صلة الرحم والعناية بالأقارب والوطن والمبادئ النبيلة ولكننا لا نرى أثرها في المجتمع متهمة التعليم بالفشل لأنه لم يحقق أهدافه في غرس تلك المبادئ النبيلة.
وتطرق الأستاذ يحيى بن علي عزان في مداخلته إلى نصوص من توصية في اللقاء الأول بالرياض تنص على أهمية الوعي بما يحدق بالوطن من أخطار وهجمات شرسة تمس عقيدته ووحدته وتوصيات أخرى تضمن أهمية ادراك ان التنوع الفكري وتعدد المذاهب واقع مشاهد في حياتنا وكذلك توصية ان الاسلام دين وسط في العقيدة والأحكام الشرعية لا تقبل الغلو والتشدد ثم جاء اللقاء في مكة المكرمة وطرح توصيات من ضمنها أهمية تطوير مناهج التعليم في مختلف التخصصات بما يضمن اشاعة روح التسامح والوسطية وتوصية أخرى تؤكد التوازن في الطرح الاصلاحي لقضايا الدين والوطن مع البعد عما يثير الفرقة والشتات وان يراعي التنوع الفكري والمذهبي.. وأضاف ابن عزان: لقد كتبت بعض الصحف المحلية ان بعض مناهجنا تحتوي على ما يسيء إلى بعض طوائف المجتمع وتجاوبت الجهات المختصة مع بعض هذه ما طرح بفضل تلك التوصيات إلا ان المناهج لا تزال تحتوي على بعض ما لا يتفق مع معطيات المرحلة وتحديات المرحلة المستقبلية وطالب الجهات المختصة بمراعاة البعد عما يثير الفرقة والشتات في تلك المناهج وتنقيتها من الشوائب.
وعقب الجلسة الأولى كان لنا لقاء مع بعض المشاركين ومنهم الدكتور خليل بن عبدالله الخليل حيث أكد ان الحوار كان ايجابيا وقويا مؤكدا على تميز الشباب في الحوار حيث كان صوتهم عاليا وحديثهم كان مركزا على الأهداف مباشرة دون مقدمات واطالات تدور حول ما يراد طرحه.
أما الدكتور سعد بن عبدالله البريك الداعية وعضو هيئة التدريس في كلية المعلمين بالرياض فقد علق على شبه الإجماع الناقد للمناهج بقوله ان العمل على تطوير المناهج جار على قدم وساق مشيرا إلى أن الضرورة تفرض المراجعة بين فترة وأخرى كما كرر البريك اعجابه بمداخلات الشباب والشابات.
وحول مشاركة المرأة في هذه الحوارات أكد البريك انها ايجابية وهي ضرورة كدور المرأة قديما وحديثا حيث هي الاخت والأم والزوجة وهي الشريك في الحياة ورفض البريك الإشارة إلى أي تحفظ من قبله ضد مشاركتها في الحوارات.
كما التقت (الجزيرة) بالداعية الأستاذ عبدالله بن محمد فدعق حيث قال: مداخلتي كانت مختصة بالمسائل الدينية في المناهج حيث أكدت على تعديل المناهج بما يتناسب مع ما يحتاج إليه الشباب بحيث يتم التركيز على الابتعاد عن التعصب الديني كما طالبت بفتح خيارات التعليم أمام الجميع من تعليم حكومي وتعليم أهلي أبوي (حلقات الذكر).
وأشاد فدعق بمداخلة الدكتورة عزيزة المانع والأستاذ سارة الخثلان لما تميزت به من جرأة وصراحة.
على هامش الحوار
* طرح معالي الشيخ صالح الحصين على المشاركين في الحوار إصدار بيان يستنكر العملية الإرهابية التي استهدفت القنصلية الأمريكية في جدة يوم أمس الأول وقد وافقه الحضور.
* الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني رد على سؤال حول غياب أوراق العمل لدى المشاركين في الحوار من رجال وسيدات الفكر قائلاً: في اللقاءات السابقة كان الوقت يذهب في قراءة أوراق عمل أكاديمية بينما نحن اليوم نشهد حواراً مباشراً يعلق على توصيات أوراق العمل الشبابية.
* أبدى المشاركون في الحوار الوطني تعاوناً كبيراً مع رجال الإعلام.
* تجهيزات المركز الإعلامي من الناحية التقنية كانت أقل بكثير من مستوى الحدث ورغم التعاون الكبير من اللجنة الإعلامية إلا أن غياب إمكانية الاتصال بالإنترنت وقلة الخطوط الهاتفية وأجهزة الفاكسات كانت مؤثرة على الصحفيين بصورة كبيرة.
|