* الرياض - الجزيرة :
الاستقرار في السياسات الاقتصادية لدى المملكة خلق نوعاً من التوازن الاقتصادي ، وأدى إلى ازدهاره وأنعش حركة الشراء ، كما دفع بعجلة النشاط التجاري وبالتالي ارتفاع معدلات التنمية وزيادة الناتج الوطني ، كما أن حجم النشاط الاقتصادي ينخفض نسبياً في فصل الصيف والإجازات الرسمية ، مقارنة بأيام السنة الأخرى ، والسبب في ذلك مغادرة كثير من الأسر لقضاء الإجازة ، وأن نظام حفز الزبائن المعمول به في الأسواق له أكبر الأثر في جذب الزبائن.
ويظل القطاع التجاري بكل أنواعه القطاع الحيوي الذي كان منه المبتدأ - ولا يزال - للنهضة الاقتصادية السعودية ، ليقف جنباً إلى جنب مع القطاعات الأخرى في ساحة العمل المنتشرة على رقعة هذه الأرض.
ويعتبر هذا القطاع أكثر القطاعات الاقتصادية تنوعاً وتفرعاً ، ولعل أهم هذه الفروع ، هو قطاع الوجبات السريعة الذي تغيرت الخطط فيه كثيراً لتوائم التغير في أنماط تفكير واستهلاك الناس ، وعاداتهم ورغباتهم.
ولمعرفة بعض المتغيرات في هذا القطاع بشكل عام ، التقت (الجزيرة) المهندس صالح بن عبد الرحمن الصالح مدير عام الإدارة لشركة كودو للتغذية والإعاشة إلى نص الحوار كالتالي :
* في البدء لابد من الحديث عن البدايات الأولى لكم كيف كانت ، وكيف تطورت ؟
- بدأت كودو كفكرة عام 1987 وكان محور تفكيرنا تقديم وجبات سريعة شبيهة بالهامبورجر ، بطريقة تختلف عن السائد في السوق والتي تعتمد على اللحم المجمد والمنتجات التي تجهز مسبقاً قبل أن يطلبها الزبون ، انطلقنا من فكرة المطبخ المفتوح ولم نتأخر في تفعيلها مباشرة ، واخترنا مجمع المطاعم حي العليا كخطوة أولى ، ثم عمدنا إلى تحديد لائحة الطعام التي ستقدم للزبائن ، وأضفنا إلى الهامبورجر السندوتشات التي اشتهرت بها مطاعمنا أكثر.
وكانت الانطلاقة الأولى بافتتاح فرعنا الأول في 16 إبريل 1988 ومنذ البداية قمنا برصد تفاعل الزبون وتجاوبه مع مجمل العملية خاصة ما يقدم من طعام ، فكنا نراقب الأطباق بعد الأكل وقياس المتبقي فيها ، لأن ذلك يشير إلى مدى الجودة ومقابلته حاجة الزبون وذائقته ، وقد كان أن تجاوب الجمهور مع ما قدمناه من أطباق وأسعار وخدمة ، وبعد شهر ارتفعت مبيعاتنا بصورة جيدة فكرنا في التوسع من خلال فرع آخر ، وفتحنا فرعنا الثاني في شارع التحلية بالرياض واستقطب زبائنه ، بينما احتفظ الفرع الأول بزبائنه لننطلق بالفرع الثالث والرابع والخامس وجميعها في الرياض.
وكان هناك تغيير نوظف تجاربنا السابقة عند افتتاح أي فرع جديد ، بدءاً من التعديلات في التصميم الداخلي إلى الإضافات والتحسينات في قائمة الطعام ووسائل وطرق التغليف بالاستفادة من ملاحظات الزبائن ، وبعد نجاح تجربة كودو في الرياض بدأنا التفكير في افتتاح فرع في جدة ، وبالفعل تم افتتاح فرع في شارع التحلية وركزنا على جمالية التصميم الخارجي للمطعم ، وفي تلك الفترة نبحث عن سوق لنا في الشرقية ، ووجدنا ضالتنا في مركز الراشد واستمرت مسيرة تراكم الخبرات والتجديد ، حتى بلغ العدد الإجمالي لفروع كودو 120 فرعا فضلاً عن أننا شرعنا في تطبيق نظام الامتياز.
* ما هي العقبات التي واجهتكم أو تواجهكم ، وقد تواجه الراغبين في الاستثمار في هذا المجال ؟
- كما تعلم أن السوق السعودي سوق واسع ومفتوح ، ويقبل التنافس في شتى مجالات الحركة الاقتصادية والتجارية .. ولا شك أن الدخول لأول مرة في مثل هذا السوق يحتاج إلى دراسة متأنية وتخطيط سليم حتى تضمن النجاح .. - والحمد لله - نحن بدأنا بخطوات ثابتة وقوية ، ولكن من أبرز ما يمكن أن تواجهه في مثل هذا القطاع وهو المأكولات ندرة الأيدي العاملة الوطنية في الوقت الحاضر ، ولكن هناك جهود من الجهات المختلفة لحل هذه المشكلة تدريجياً ، من خلال تشجيع الشباب السعودي وتأهيله وتدريبه لولوج العمل في هذا القطاع .. وأعتقد أن هناك بوادر مشجعة في هذه المنتجات.
* ما هي المتطلبات الأساسية لقطاعات الإنتاج الوطني لكي تستمر منافساً في الأسواق العالمية ؟
- لكي تستمر قطاعات الإنتاج الوطني منافساً في السوق العالمي ، فإن ذلك يتطلب الارتقاء بالكفاءة الإنتاجية لمواجهة المنافسة الإقليمية والدولية ، وتطوير هياكل الإنتاج وتوفير فرص العمل وتنمية التبادل التجاري مع الدول العربية لمواجهة التكتلات الاقتصادية والعالمية ، إضافة إلى ذلك تطوير الموارد البشرية والاهتمام بالتدريب وتأهيل الشباب الوطني والارتقاء بالعمل والرقابة الذاتية ، وكل ما من شأنه أن يساعد في تطوير العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية.
* السوق الاستهلاكية شهدت نقلة نوعية من حيث الأساليب التسويقية .. كيف تنظرون إلى نظام حفز الزبائن الذي درج على استخدامه التجار مؤخراً ، وما مدى فاعليته في جذب المستهلك ؟
- تحفيز الزبائن هو جزء من الاستراتيجية التسويقية وهو أسلوب صحي إذا تم استغلاله بشكل صحيح خاصة في ظل التنافس الكبير في السوق .. ولا شك أن التحفيز الحقيقي الذي نعتمد ونسير عليه هو التميز عن غيرنا ، من حيث النوعية والجودة والسعي للمحافظة على العميل .. وقد نجحنا في ذلك كثيراً وهذا ما شجعنا على التوسع.
* ما هي الفلسفة التي تعتمدها شركة كودو في سياستها التوسعية .. وما هي آليات الانتشار الجغرافي التي تتعلق بافتتاح فروع جديدة ؟
- فلسفتنا تقوم على خدمة أكبر شريحة من المجتمع ومحاولة الوصول إليها في أي مكان من خلال التوسع والانتشار المدروس ، بجانب ما نمنحه من نظام الامتياز للشباب السعودي الطموح الذي يرغب الدخول في هذا المجال ، وتقديم كافة التسهيلات له.
* كيف تنظرون إلى (السعودة) كقضية تتعلق بالجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية ؟
- تمثل قضية تدريب وتوظيف العمالة السعودية تحدياً استراتيجياً تخوضه المملكة ، وظلت حكومتنا الرشيدة تولي هذا الأمر كامل عنايتها توجيهاً وتبصيراً ، فكان قرار نسبة السعودة الإلزامي للمؤسسات والشركات الخاصة ،
وعملية (السعودة) مرتبطة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، فالجانب الاقتصادي يتمثل في توطين التقنية وزيادة الناتج القومي المحلي ، كما يوفر مبالغ طائلة يحولها الوافدون إلى أوطانهم تقدر بمليارات الريالات .. والسعودة تؤمن مجتمعنا من عادات اجتماعية دخيلة لا تتماشى مع تقاليدنا السمحة والمستمدة من تعاليم ديننا الحنيف ، بالإضافة إلى تحقيقها للتكافل الاجتماعي تجاه الدولة والمؤسسات ، كما تعزز الشعور بالانتماء الوطني وتضاعف من الإحساس بالمسؤولية وضرورة التطوير ، بجانب ذلك فإن عملية (السعودة) تحارب مشكلة البطالة وتوفر الجانب الأمني من خلال تقليل أعداد العمالة الوافدة ، كما أنها ترفع من مستوى دخل الأسر السعودية فتوفر الجانب النفسي والمعنوي.
* ما هي أحدث الوسائل التسويقية التي تتبعها شركة كودو ؟
- تتبنى كودو الوسائل التسويقية الأكثر فعالية وتأثيراً وانتشاراً ، كالتلفزيون والإذاعة والصحف والمجلات ورسائل البريد الإلكتروني ووسائل التقنية الحديثة وذلك بهدف الوصول إلى كل شرائح المجتمع.
* ما هو تقييمكم لتجربتكم في توظيف الشباب السعودي ؟
- تمثل قضية توظيف الشباب السعودي تحدياً استراتيجياً تخوضه المملكة ، وظلت حكومتنا الرشيدة - أيدها الله - تولي هذا الأمر كامل عنايتها واهتمامها ، وذلك في إطار التوطين الكامل للوظائف والتي يسعى لها مجلس القوى العاملة بالمملكة ، الذي يترأسه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ، الذي يعطي أمر السعودة وتوطين الوظائف اهتمامه الكبير ، لذلك كان توظيف الشباب السعودي في شركة كودو للتغذية والإعاشة أمر تستوجبه ضرورة المرحلة وواجب المواطنة ، وقد بدأنا توظيف الشباب السعودي وفق خطة زمنية متدرجة ومرنة للتدريب والسعودة واعادة الهيكلة ، آخذين في الاعتبار طبيعة النشاط الذي نقوم به والوظائف التي نحتاجها لاستمرارية هذا النشاط.
* نعلم أنكم من الشركات الداعمة لتوظيف السعوديين ، هل ترون أن هناك استمرارية في عمل السعودي في خطوط الإنتاج ، وماذا يحدث عندما يترك السعودي العمل ما هي الأضرار الناجمة عن ذلك ؟
- نعتقد أن الشباب السعودي هم شباب مؤهل وقادر على دخول سوق العمل والاستمرار وتحسين الأداء ، والوصول إلى مناصب وظيفية عالية فهو يحمل جميع مقومات الشاب الناجح ، ولكن نجد أن بعضا من الشباب السعودي يجد مصاعب في بيئة العمل ، أو مصاعب تتعلق بسياسات الشركات التي يعمل بها دون أن تسهل له عمله وتحسن من أدائه وتطور مهاراته.
ولهذا يجد الشاب نفسه في مكان ثابت دون إحراز تقدم ، ولهذا ينتابه الشعور بالإحباط والتفكير في ترك العمل ، إن هذا الموضوع يرتبط بما تقدمه الشركة للشاب السعودي ليس فقط من حيث الراتب ، ولكن من حيث مساعدته في الانخراط في العمل ، وتسهيل المصاعب أمامه ليكون قادراً على تحقيق النجاح والذي يكون الحافز القوي لاستمراره في عمله .. هذا طبعاً لا يقتصر على مهنة محددة بل يشمل جميع الفرص الوظيفية.
وأما عن الأضرار الناجمة عن تركه للعمل ، فهناك أضرار اقتصادية تؤثر في محصلتها على الاقتصاد الوطني وأضرار اجتماعية تنعكس على الشاب نفسه وعلى أسرته ومجتمعه.
* معروف أن شركة كودو للتغذية والإعاشة لها مشاركة فاعلة في الأعمال الخيرية ، ما هي الدعوة التي توجهونها لنظرائكم من الشركات الوطنية الأخرى ؟
- نعتقد أن المشاركة في الأعمال الخيرية واجب على الجميع ، ولا شك أننا كشركة وطنية سعودية يهمها كثيراً مجتمعها الذي تعمل فيه ، ومشاركاتنا الخيرية تنبع من إيماننا بهذا الواجب ومساعدة المحتاجين من صميم ديننا الإسلامي الحنيف ، ولن أطيل في هذا ولكن ألخص قولي بأن مساعدة الآخرين المحتاجين للمساعدة هو واجب على الجميع.
* اتجهت شركة كودو للتغذية والإعاشة الى إعطاء حق الامتياز لبعض الدول .. كيف تنظرون إلى ذلك كسوق جديد ؟
- لا تزال تجربة الشركة مع نظام الامتياز حديثة نسبياً ، ولكن المؤشرات الأولية أؤكد على نجاحها ، وقد استثمرت كودو وضع نظام الامتياز كثيراً ولعل من أهمها اكتمال النظام بجميع عناصره .. وقد ساعدنا في ذلك اتساع وحجم السوق ، ولكن العقبة الأساسية أن السوق السعودي وغيره من الأسواق لا تزال تفتقر للتنظيم والتقنية لمثل هذا المجال ، كما هو معمول به في الدول المتقدمة .. والمملكة مهيأة أن تكون في مصاف هذه الدول في هذا المجال.
* ما هي استراتيجيتكم فيما يتعلق بالابتكار والتجديد في منتجاتكم لتلبية رغبات الزبائن .. وإلى أي مدى تساهم التقنية الحديثة لديكم في ذلك ؟
- نجاح أي عمل يعتمد على تلبية رغبات وحاجات العملاء والمستهلكين ، خاصة في مجال المأكولات والتي تشهد تطوراً كبيراً وتحديثا وتجديداً بشكل شبه يومي .. وشركة كودو تحرص على مواكبة كل المستجدات العالمية في هذا المجال ، انطلاقاً من حرصها على إرضاء الزبائن الذي هو شريان الحياة لشركة ، ولهذا تسعى لامتلاك كل جديد في مجال التقنية دون تردد وهذا ما يجعل منتجاتنا متميزة وطازجة.
|