في دهاليز السنين المترعة بالشخوص، والوقائع، والهواجس، والأحلام تكمن فنيات القصة القصيرة بجسارة مقترفها.. وتخوف مبتكري فكرتها، ومثيري هواجسها، والحدث المثخن بالجراح المولع بالتفرد والتميّز في زمن الحرية المكفنة بكفنٍ شديد السواد حتى إشعار آخر.
تخوفهم من رفض الفكرة.. وبتر النص.. وممارسة لعبة القص واللصق.. والمسح والاستبدال.
وتخوفهم من عدم الاستمتاع بإذن الفسح.. وارتفاع تكلفة الطباعة.. وضعف التوزيع.. وإقليمية الانتشار أو محدوديته..
في دهاليز تلك السنين ساقتني الأيام حيث ليلة قص شتائية بكر في (الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون) - فرع الدمام - مساء الخميس الثاني من نوفمبر 2004م، وما هذه الليلة سوى احتفالية المسابقة الأولى للقصة القصيرة، وبسبب الكسل لم أحظَ بشرف المشاركة في المسابقة بيد أني تشرفت بالوقوف على تجارب قصصية لثلاثة فائزين تستحق التصفيق بحرارة ملتهبة.
* الفائزة الأولى: خديجة رابح الحربي عن قصتها العذبة المغلفة بعاطفة غلفت بسوليفان الكبرياء (الأقدام) وأسعدني بحثها وسؤالها عني خلال الاحتفالية وحرصها على السلام على (هدى المعجل) كما أفادت بذلك إحدى منظمات الاحتفالية، وهي - أي خديجة - القادمة من الرياض لتسلم الجائزة والدرع وقراءة القصة وسماع القراءة النقدية لها من في الناقدة (مريم الغامدي).
* الفائزة الثانية: نورة سعد الأحمري، صديقة وعزيزة سعدت بخبر نيلها المركز الثاني عن قصتها الاجتماعية (تشابه) والسعادة تتضاعف في كون المركزين الأول والثاني أتيا من نصيب الإناث، أمام ذكر نال المركز الثالث هو (أحمد أبو حيمد) عن قصته (قبل الغروب بقليل) - وسبق لجريدة اليوم نشر القصص الثلاث الفائزة -.
تكرمت كلتا القاصتين (خديجة الحربي، ونورة الأحمري) بقراءة قصتيهما بتفاعل مع الحدث وتناغم مع تراكيب العبارات، في حين تخلف الفائز الثالث أحمد أبو حيمد عن الحضور فتكفل بقراءة القصة عنه فنان تلاعب بفنيات القصة وأفسد جمالها فغدت وقارئها أضحوكة للجميع، حيث قرأها كممثل لا كقارئ وسارد قصة يدرك أبعاد القراءة.
*-*-*-*-*-*-
ي تُختتم بما يضمن سعادة المتابع.. فيتزوجُ الأبطال،
طق (إقصائي) يحتكرُ البطولة المطلقة في
طق (إقصائي) يحتكرُ البطولة المطلقة في
*-*-*-*-*-*-
تفوقت القاعة الفرعية للسيدات بورقة (مريم الغامدي) عن أهمية المسابقات الأدبية ودور القصة القصيرة في الحياة, وبنصي خديجة ونورة، وقراءة (الغامدي) النقدية لهما، بينما أخفقت القاعة الرئيسية للرجال في قراءة جادة للقصة، وفي القراءة النقدية لها باستثناء مداخلة القاص (فهد المصبّح).
ليلة القصّ الشتائية بشرتنا بمولد قاصة متفردة بحبكة قصصية متميزة وسرد متقن متماسك هي (خديجة رابح الحربي) ومنحت القاصة (نورة الأحمري) فرصة الإعلان عن قرار (الانعتاق) في الحياة بقصتها (تشابه) المتماسّة مع الواقع والمتقاطعة معه.
الحفل أقيم في مقر الفرع بحي الحمراء المجاور لكورنيش الدمام، وقد أجادت الجمعية في اختيار موقع يدعو للاستمتاع، والانطلاق، والانعتاق.. ويحرض عليه طالما أنه يهبنا رائحة البحر، ويسمعنا تلاطم أمواجه، ويمتع ناظرنا بلون انعكس عليه لون السماء.. فهل نهتم بليلنا الشاتي، ونوظفه فيما يثير مكامن الشجن لدينا، ويضمد هموماً تقاطرت، وأوجاعاً أفرزت صديداً وقيحاً.
هل نهتم بليلنا الشاتي بعد أن أرحنا رؤوسنا من أزيز أجهزة التكييف، ومن برودة مصطنعة وانزوينا في غرف ومكاتب قراءةً وبحثاً وتأملاً واستماعاً للإذاعة ومشاهدةً للتلفاز، ولننشد الدفء في آن واحد.
الساعات تمضي؛ والأيام تترا، والشهور تمر، والسنون تسير.. وما من ساعة تمر إلا وتحسب لصالحنا!! أو ضدنا!! فكم ساعة حسبت لصالحنا؟؟ وكم ساعة ضيعت ولم نستفد منها..؟؟!!
رشة مطر:
هناك نتاج أدبي يتطلب مقدمة تبرزه للقارئ، وتلفت الأنظار نحوه.. بيد أن نصوص الأديبة القادمة بقوة وثبات (بدور بنت إبراهيم الأحيدب) تقدم نفسها بثقة كهذا النص المبهر:
(كنت في ليالٍ خلت أصارع الخواء على سرير لا يسع الهزائم، كنت أعد بأصابع مبتورة ألف طائر وطائر كي أقف على أطراف غابة، ففي الليل لديّ دائماً أقواس طرية وسهام من ورد، أطلقها على نجمات ضالة، لكنني غالباً في الصباح، أجد أن لا نجم ثمة لي!).
ص.ب 10919 - الدمام 31443
فاكس: 8435344- 03
|