Tuesday 7th December,200411758العددالثلاثاء 25 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

التعليم والتوجّه نحو المستقبل التعليم والتوجّه نحو المستقبل
مندل بن عبد الله القباع

للنسق التعليمي مكانة عميقة لارتباطه بصناعة الإنسان والتوجه نحو المستقبل بما يحمله من قيم العلم والثقافة الرفيعة بمناهجه المتنوعة التي تتسم بالصدق والاستقامة في الأداء والنزاهة في التعامل من أجل الخير للوطن وصالح الإنسان السعودي.
ويتحدد الموقف في مسئولية التعليم من مواجهة تحديات الواقع وإرساء قواعد المستقبل ومطلب إصلاح وتطوير وتحديث منظومة التعليم يتفق مع حتمية توجهنا الواعي للمستقبل ونحن نعيش قرن التحديات العلمية القرن الحادي والعشرين.
والبعض يتساءل - ونحن معه: كيف يكون التطوير وكيف يطال التعليم التحديث المنشود؟ هل هو تحديث هيكلة ونمط التعليم ونظمه، أم أنه تطوير وتحديث أنساقه الفنية والعلمية؟ وحينئذ ماذا عن النسق الأخلاقي القيمي المعياري؟
نعم إنها مسئولية ضخمة أمام التعليم حيث يحمل مسئولية التحول في الفنون والعلوم شريطة أن يكون التحول مماثلاً في القيم التي يعود إليها مساندة وتعزيز الممارسة التجديدية الحديثة.
نعم إنها مسئولية التعليم في الانتقال إلى عالم الفنون الصناعية والزراعية والمعمارية الحديثة بطلاقة ومرونة وفعالية تحليلية وتركيبية من حيث ان الاختراعات والابتكارات تنقلنا إلى المستقبل وسبيلنا في ذلك التعليم مع مراعاة أنه يحتاج لإعادة تنظيم أو تعميم يتوافق مع عالمنا المتغير وما يحوط به من اتجاهات ومسلكيات.
نعم إنها مسئولية التعليم في إيجاد الطرائق الأنسب لغربلة القادم إلينا عبر الفضائيات والإنترنت على أن تكون الاستجابة موجّهة لما هو مفيد ونافع اجتماعياً مع الحفاظ على الهوية الوطنية والتمكن من عقد صلة موجبة بين الأصالة والمعاصرة.
ويأتي الحديث.. حديث الماضي في المستقبل وسوقه نحو المستقبل والوضع في الاعتبار كون أننا نعيش داخل إطار القرية الكونية الواحدة، لقد تلاشى الزمان والمكان وإن كان التغير في مضمونه نسبياً يتفق وطبيعة استمرارية الحياة فهي ليست ثابتة ساكنة، لكنها في ديمومة وصيرورة وذلك في جانبها المادي الذي يخضع لفعل الإنسان وطريقة معالجته لتطويع الطبيعة وما يبذله من نشاطٍ إبداعي وابتكاري ووفق ذلك يتحرك - إنسانياً - في ظل أصول عقيدية ثابتة، وأطر تراثية محددة مثل لغة التفاهم وصيغ الآداب المميزة لإيقاع الحياة عندنا.
وهذا ما يميز العلاقة بين الثبات الأصولي والتجدد المادي مما يجعل الصورة متقاربة بين جيل الأجداد مع جيل الآباء وإلى جيلنا وجيل الأبناء من بعدنا. فالبعد التاريخي وما يحمله من وقائع وأحداث وبطولات وقيادات فضلاً عن الإطار الطبيعي والجغرافي والاجتماعي. وجميع هذه الأطر تحقق الإشباع الوجداني والانتماء الوطني والارتباط بالثوابت في العقيدة, وتجسيداً للقيم الأخلاقية مما يشكل الذات والهوية الوطنية.
وهذا يمثل نموذجاً لحضارتنا العربية الإسلامية على الرغم من فعل المعاصرة الممتد إلينا والمستمر في حلقاته وفقاً لمنطق الأحداث في بنية الفكر، وجدلية الصراع بين ما هو مثالي وما هو واقعي، ومردود ذلك فيما هو عقلي وما هو تجريبي.
والمؤسسة التعليمية تعي ذلك وتمضي قدماً بمعدل أسرع نحو البناء والتقدم والإصلاح والتطوير بما يمكنها من الوقوف في نفس الصيف مع الدول المنطلقة الأخرى خاصة في مجالي الاقتصاد والصناعة.
وإزاء ذلك عسانا نرد على هؤلاء الذين يخيفوننا من مغبة الانصياع في السياقات والأوضاع المادية خشية التردي في مهاوي الاضطرابات الفكرية المشكوك في توجهها فيتحول مجتمعنا من كونه حراً فاعلاً مختاراً إلى أن يكون خاضعاً مستسلماً نتيحة للتمدد الثقافي الحضاري مع حتمية استعارة التقنية من الآخر، وما يصاحبها من مفاهيم تدخلنا في محنة المحاكاة غير المتوافقة.
ونجيبهم بأن الإنجازات التي حققتها المملكة في مجالات شتى ومتعددة كالصناعة والزراعة والصحة وقطاع المال والإسكان والثقافة والإعلام، ها هي مازالت تنهض بها ومستمرة في ضوء مستجدات العصر وضروراته وانسيابية وسائل الاتصال والتكنولوجيا.
وهذه هي مسئولية التعليم في العمل على تنشئة أجيال ينأى بها عن الاتجاهات الشاذة، وتحصينهم بكتاب الله العزيز الحكيم وسنة رسوله الأمين صلوات الله وسلامه عليه، كي يرتبطوا بالعقيدة والرسالة في مجال التقارب بين الفكر والواقع، ولكي يتبنوا قانون (الائتلاف والتوسط) فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير سواء تحقق ذلك في مستوى الفكر والتصور المفاهيمي أو على مستوى العمل التطبيقي في الميدان متبعاً الأسس العلمية في البحث والدراسة.
نعم، هي مسئولية التعليم في شحذ الفكر وإعمال العقل وإذكاء الملكات لتحقيق مزيدٍ من المنجزات في إطار التواصل والوفاء بالرسالة منهجاً وسلوكاً وقيماً حفاظاً على الهوية الذاتية بخصوصيتها العقيدية، وان الانتقال التراثي من الأجداد إلى الآباء إلى الأبناء لا يعني التوقف عن استمرارية التطور والتقدم. وإنما يعني استمرارية الهوية الثقافية ذات النزعة المعيارية الإنسانية وبعدها الاخلاقي الذي يحمي ويصون من تطلعات حمقاء غير محسوبة لمستقبل نهيم به فيما بعد، وهو أمر حتمي ويقيني عسانا نتحسب له.
نعم إنها مسئولية التعليم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved