في مواقف عديدة يتحقق للعدِّ (الكم) وجاهة الحضور، حين تغيب الحقائق في (أمنية) أن يكون لشيء ما حضوره، بينما ينهض (الرَّقم) بجلاء الحقيقة ليقول: صه، إمَّا إلى الجنَّة من الآمال، أو إلى الجحيم من الخيبات.
العرب يشكون من النظرة السالبة لهم في محافل الإنسان، ولا يزالون من أجل الإثبات المتحدّي في نفوسهم يتذكَّرون الماضي، ويمارسون نبش ثراه، والتنقيب عن بقايا عظام تآكلت مع التقادم الزمني، ومع ذلك يقفون على أجداثه ويصرخون: نحن من اخترع، ومن اكتشف، ومن أبدع، فارتياد البحور لنا، والإيغال في الأرض أول مَنْ ارتاده نحن، والغوص في السماء كنَّا المبادرين فيه، فالبوصلة اخترعناها، وتابعنا حركة النجوم، وعرفنا مواطن الماء، وكشفنا خفيَّة الريح، وأدركنا مواعيد المواسم، وفتقنا العقول والأذهان فلم يخف علينا علم الكيمياء، ولا الرياضيات، ولا الفيزياء و... و...
ثمَّ تقف أقدامهم عند هذه الحدود...
وحين مقارنة عدد مَنْ يتنفَّس على الأرض منهم الآن، وتأتي محاولة استخراج عدد بالغ الكمية يتوازى مع (الأرقام) للتعداد السكاني في الأمَّة كلها من العلماء... لا يكاد يصل (الرقم) منهم إلى عدد الأصابع في الكفَّين، وإن ذهبنا نتمنَّى فلنقل والقدمين... وأكثر هذه الأرقام هاجرت، وانتمت إلى غيرهم!!
هناك تقرير ينص على التالي: (لا يزيد عدد العلماء والمهندسين في البحث والتطوير في البلدان العربية على 371 لكل مليون من السكان، وهو أقلُّ بكثير من المعدل العالمي البالغ 979 لكل مليون من السكان منهم).
الأرقام هنا وحدها ما يقصي جنَّة الأمل والحلم، ويقرِّب نار الخيبة.
لماذا ؟!
هل النوعية أو الكيفية للتعليم ومخرجاته وراء هذه النسبة الرقمية المثبطة لأجنحة الآمال؟، ونصوص الأقوال التي يطلقها المتحدثون في كل موقف ومنبر، ويتنابزون بها في المحافل والمواقف تحمل كثيراً من الأمنيات الواسعة لمن لا يستطيع قراءة حقائق الأرقام؟! أم هناك أسباب أخرى خفية؟!.
|