* الدمام - حسين بالحارث - الرياض - صالح العيد:
تنطلق اليوم (الثلاثاء) فعاليات اللقاء الرابع للحوار الفكري الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بفندق الظهران الدولي في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية ويستمر حتى الخميس 26 شوال 1425هـ، وذلك تحت عنوان (قضايا الشباب الواقع والتطلعات) ويشارك فيه مجموعات من الشابات والشباب الذين شاركوا في ورش العمل الشبابية الحوارية التي عقدت قبل شهرين في عدة مناطق تمهيدا لهذا اللقاء، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الشباب والشابات الذين تم اختيارهم من خارج قائمة المشاركين في ورش العمل، كما سيشارك عدد من الباحثين والأكاديميين المتخصصين.
وعلى هذا الصعيد أجرت (الجزيرة) العديد من اللقاءات مع مشاركين في اللقاء ومشاركين في لقاءات سابقة ومراقبين مهتمين بالحوار الفكري وفي البداية التقينا الأستاذ يحيى بن علي عزان وهو حاصل على الماجستير في ادارة الأعمال ويعمل حاليا مديرا بوكالة وزارة التجارة والصناعة الداخلية مديرا لادارة الغرف التجارية الصناعية ومستشارا نظاميا في الجوانب ذات العلاقة بمهام الوكالة وتحدث حول مشاركته في هذا اللقاء قائلا: لا شك أنني أشعر بالتفاؤل والسعادة من منطلق المشاركة الوطنية في هاجس كبير وتحد أكبر هو مشكلة الساعة وحديث الناس ألا وهو: قضايا الشباب والشابات الواقع والتطلعات، كيف لا وأنا وأنت وكل أب وأم وشاب وشابة يشرب من هذا الوعاء ويخاف منه ويلازمه أمنيا ومستقبلا.كما التقينا مع جعفر محمد الشايب هو كاتب وراعي منتدى ثقافي بمحافظة القطيف ومشارك في اللقاء الفكري الرابع فقال: منذ أن تمت الدعوة إلى عقد اللقاء الفكري للحوار الوطني في جولته الأولى في ربيع الثاني من العام الماضي والتي عقدت جلساته في مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض بتوجيه من سمو ولي العهد حفظه الله اشرأبت أعناق المواطنين متلهفة لمعرفة ما سيؤول اليه هذا اللقاء الفريد من نوعه.
وأضاف الشايب: إن الحوار الوطني.. عنوان جميل وموفق ولكن لماذا الحوار؟ ولماذا الوطني؟
يعتبر الحوار من أبرز الأسس والمبادئ التي تستند عليها العلاقات الايجابية بين المجتمعات البشرية، فعبره يمكن التعريف بالذات ونقل الصورة كاملة للآخر، كما يسهل الحوار ايضا ايجاد بيئة تفاعلية مرنة تساهم في إبراز المشتركات ونقاط الالتقاء بين هذه المجتمعات وعناصرها المختلفة ولا شك أن تأكيد الدين الإسلامي الحنيف على أهمية الحوار وإبرازه كإحدى الوسائل المهمة في تناول الأفكار والسلوكيات وتداولها والجدل مع الآخر - سواء أكان مسلما أو غير مسلم - هو نابع في الحقيقة من تناغم الحوار مع طبيعة التكوين البشري والانساني كبديل عن الصراعات التي تهز الكيانات البشرية وتفقدها الأمن والاستقرار، ولذا فإننا في أمس الحاجة دائما إلى الحوار بين مختلف مكونات المجتمع وفئاته، من أجل تعزيز حالة التعارف والتفاهم بين هذه الأطياف المتعددة.
وعندما يكون الحوار وطنيا فإنه يؤسس إلى صياغة علاقات اجتماعية سليمة بين مختلف الفئات الاجتماعية في الوطن الواحد.
تبرز المشكلة الأكبر في مشروع الحوار الوطني في عدم وضوح صورته النهائية للمواطنين، فهو ليس جهازاً رسمياً تنفيذياً يقوم بتحويل التوصيات التي ينتهي إليها في لقاءاته المتكررة إلى مشاريع وبرامج عملية يشعر بها المواطنون.
ويبقى السؤال المحوري الآخر وهو كيف يمكن الحفاظ على هذه التجربة الفريدة في مجتمعنا السعودي وتطويرها بما يتلائم مع حاجات المواطنين واهتماماتهم؟ أرى أن من أبرز القضايا اللازم تداركها عاجلا هي تعميم ونشر منهجية الحوار بين مختلف فئات وشرائح المجتمع وليس بين النخب العلمية والثقافية فقط نظرا لما في ذلك من أهمية قصوى في تعميق وتعزيز ثقافة الحوار وترسيخها في المجتمع.
من هنا أرى ضرورة البدء في افتتاح فروع محلية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والتصدي لمشروع شامل يهدف إلى تدوير ثقافة الحوار بين مختلف أطياف المجتمع.
وفي الإطار نفسه التقت (الجزيرة) عبدالله مهدي سدران وهو من المشاركين في الدورة الثالثة للحوار الوطني وعن تجربته قال: الحظ والصدفة وربما أمور أخرى تكاتفت لتفاجأني بخبر اختياري للمشاركة في الدورة الثالثة للحوار الوطني التي عقدت في المدينة المنورة.
عقد اللقاء وتمت المشاركة.. وأصبح ذلك من الماضي.. إلا أنها تجربة مثيرة تستحق أن تروى.. وهنا بعض من شتات الذاكرة وإن كان على عجل.
لا بد في البدء أن أشير إلى اختلاف نظرتي فيما يتعلق بمشروع ولي العهد للحوار الوطني قبل خوضي للتجربة عن تلك التي تكونت لدى بعد المشاركة.
فأنا مثل الكثير من المهتمين بالشأن العام كنت أراها مجرد محاولة لذر الرماد في العيون.. محاولة للهروب إلى الأمام، فلا جدوى ولا أمل يلوح. غير أن التجربة ولدت انطباعا آخر وكشفت لي عن محاسن ربما لم تكن في الحسبان!
أزعم أن الشعب السعودي وصل إلى مراحل متقدمة من الوعي الذي تعدى كثيرا موازين القياس لدى المؤسسة الرسمية وبالتالي فإن الطموحات والتطلعات وتوقعات الناس لم تعد تقنع بخطوات صغيرة تضيع من الزمن ما نحن بأمس الحاجة اليه. وتلك ربما من الإشكاليات التي تعيق فعلا خطواتنا نحو الانعتاق من الواقع المتكلس الذي نعيشه، مجتمعنا لم يعد غضا طفوليا يحتاج إلى وصاية دائمة تقرر له نوعية الرضاعة.. إلا أن تلك حكاية أخرى.غير أن تجربتي في الحوار الوطني أكدت لي أنه حتى تلك الخطوات الصغيرة وربما الهامشية يمكننا الاستفادة منها إذا ما تعاملنا معها بنوع من التفاعل والجدية.الخوف الحقيقي أن تتحول تجربة الحوار الوطني إلى المأساة البيروقراطية بحيث يتحول إلى مجرد نشاط وظيفي ينجز في أوقات محددة دونما كثير اعتبار لما ينتج عنه ودونما رغبة حقيقية في التنفيذ والمتابعة.
وحول الحوار الفكري وأهميته توجهنا بالسؤال إلى العقيد متقاعد: علي بن حسن بن قوير آل مستنير فقال: يطل علينا الحوار الوطني الرابع بمحاوره الأربعة الشباب والمواطنه، الشباب والتعليم، الشباب والثقافة، الشباب والعمل. وقد ذكر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في مؤتمره الصحفي بأنه سيكون هناك أربعون مشاركا من الجنسين من العلماء والمثقفين وكذلك اثنان وستون شابا وشابة من مختلف مناطق المملكة ممن شاركوا من داخل ورش العمل ومن خارجها وهم يمثلون فئات شبابية متنوعة من الطلبة والطالبات.
كما كان لنا لقاء مع الإعلامي سعيد بن حسين اليامي مدير محطة تلفزيون الدمام حيث ابدى اهتماما باللقاء الرابع الذي يناقش قضايا الشباب وتطلعاتهم فقال:
من أهداف اللقاء الرابع للحوار الفكري والذي يقام في المنطقة الشرقية تشخيص قضايا الشباب ومشكلاتهم ومناقشتها.
عندما نؤمن فقط بأن هناك قضايا ومشكلات لدى شبابنا فهذا بحد ذاته يعتبر نجاحاً.
نحن نعيش في مجتمع أكثر من 65% فيه من الشباب وعندما نحاول من خلال حوارنا الفكري أن نتعرف على مكامن الخلل فهذا يعني بأننا نمسك بالخيط من رأسه وإن أعطينا الفرصة لأصحاب المشكلة لعرض ما لديهم وتركنا لهم المجال وعززناهم بالثقة فهذا يعني أننا قد نتحاشى كثرة العقد في ذلك الخيط الذي أمسكنا برأسه.
بالتأكيد تلك المشاكل والقضايا التي سيطرحها أبناؤنا الشباب والتي يتمنون عرضها ومناقشتها ليست بالغريبة ولا بالجديدة علينا فنحن نعلمها وهم متأكدون بأننا نعرفها.
دعونا نقول أو نقنع أنفسنا اعتباطاً بأننا لسنا المسئولين عن تلك القضايا والمشكلات فقد تكون الطفرة النفطية في فترة من فترات مجتمعنا وما صاحبها من مظاهر الترف الاجتماعي وعدم المبالاة من بعض الآباء لأبنائهم.
فلنفسح المجال من خلال حوارنا الفكري هذا الحوار الذي يكفينا منه بأن يعلم شبابنا أن لهم منا كل الاهتمام والثقة فلنسمع ما يريدون وليعرضوا تلك القضايا والمشاكل التي تخصهم على مسامعنا لنؤكد لأنفسنا بأننا نعرف كل تلك القضايا والمشاكل وعلينا أن نعي كل ذلك وكيف يرون الحلول حسب وجهة نظرهم.
وحول محور التعليم والشباب والعمل علق الدكتور علي بن عبدالعزيز العبدالقادر استشاري الادارة والتدريب والعميد والأستاذ المشارك السابق بجامعة الملك فيصل فقال: بالنسبة للمحور الثاني فإن المشكلات التي يواجهها الشباب من الجنسين في مختلف مراحل التعليم ومؤسساته عديدة ومنها:
* غلبة الطرق القديمة في التدريس باعتماد التلقين والحفظ والاسترجاع وحشو الأدمغة بالمعلومات.. على حساب الطرق والأساليب التعليمية الحديثة.. التي تعتمد على تشغيل القدرات العقلية كالتحليل والاستدلال والاستنتاج والبحث والابداع فأدت الطرق القديمة إلى تعطيل وظائف العقل وتهميش القدرات الذهنية.. وأدت بالتالي إلى تدني المستوى العلمي والثقافي لدى الشباب.. وإلى فشلهم في أداء العمل.
* تغلب التخصصات النظرية على التخصصات التطبيقية الميدانية مما أثر سلبا على المهارات الأدائية والانتاجية لدى الشباب.. وسبب بطالة المتعلمين.. لعدم ملاءمة تخصصاتهم لمتطلبات سوق العمل.
*ضعف مهارات المتعلمين وتدني مستواهم في مجال الارشاد والتوجه النفسي والاجتماعي والطلابي.. وأدى ذلك إلى عدم تفهمهم لظروف الطلاب ومعاناتهم وأسباب التخلف الدراسي لدى بعضهم وإلى سوء تعامل بعض المعلمين معهم.. كما أدى ذلك الى كره ونفور بعض الشباب من التعليم.
* جمود مناهج التعليم على قوالبها القديمة وعدم تطويرها بما تقتضيه مستجدات العصر ومتطلبات الحاضر والمستقبل اداريا ومعلوماتيا وأساليب وطرقا.. وانعكس ذلك سلبا على مخرجات المؤسسات التعليمية.. أي الخريجين.. وعدم قدرتهم على مواجهة الحياة العملية في مختلف المواقف.أما الحلول فإنها تتحقق بعد معالجة هذه المشكلات وغيرها.وبالنسبة للمحور الرابع حول الشباب والعمل.. فإن أكبر ظاهرة سلبية هي بطالة الخريجين وتدني مهاراتهم الأدائية والإنتاجية.. لعدم تأهيلهم مهنيا وسلوكيا بما يتناسب مع متطلبات القطاع الخاص ومن أهم الحلول:
تأسيس الكليات التطبيقية بالتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص وتلبية متطلبات سوق العمل.. وتطوير مؤسسات التدريب كما وكيفا والاعتراف بشهادات هذه المؤسسات.. وأن يتم التدريب ميدانيا في المصانع والشركات والمؤسسات الاقتصادية الأخرى وإلزام مؤسسات القطاع الخاص بتوفير فرص التدريب والتأهيل الوظيفي للشباب.
|