حققت وزارة العمل أول نجاح لها بعد أن تم فصلها واستقلالها عن الشؤون الاجتماعية في وزارة مستقلة، وذلك بإعلانها عن انخفاض عدد تأشيرات العمل الموافق عليها إلى ما نسبته 51% مقارنة عما صدر من تأشيرات عمل في شهر شعبان لعام 1424ه والبالغ عددها (65096) إلى (31695) خلال شهر شعبان 1425ه، إن هذا الواقع بطبيعة الحال يشكل توجهاً محموداً نحو التطلع إلى إنجاح سوق العمل السعودي، وأداء نوعي يمثل تحدياً تعكف عليه القيادة الجديدة في وزارة العمل لتثبت للجميع أن المسؤولية تجاه الفرد مهمة وشاقة وواجب ملح تتطلبه المرحلة الراهنة، بسبب ما تعيشه البلاد من متغيرات اجتماعية واقتصادية، مؤكدة في إنجازها هذا أنه لم تعد تنفع في هذا العصر إلا اتخاذ القرارات الجادة والعملية، وأنه على كل منا واجب في السعي نحو بناء علاقة وطيدة مع طالبي العمل وممن هم على رأس العمل أيضاً لاحتوائهم وتهيئة كافة السبل لجعلهم أفرادا عاملين ومنتجين في مجتمعهم، بدءاً من شحذ الهمم نحو توطين الوظائف المعتمدة للوافدين أو ممن يتم توظيفهم داخلياً سعياً إلى إحلالها وظيفياً محل العمالة الوافدة، وبنسبة يفترض ألا تقل عن 75% لصالح العمالة الوطنية، وصولاً إلى جعل المستقبل الوظيفي لصالح أبناء الوطن، وتلكم سياسة متبعة لدى كافة دول العالم، وعلى كل مواطن أن يسعى تجاه هذا الأمر، فلسنا نحن الوحيدين بين دول العالم نرسم سياسة توطين الوظائف، ونبدأ في الاستغناء التدريجي عن العمالة الوافدة مواجهة لنمو سكاني أو متغيرات مجتمعية، كما علينا أن نعي أن الحقبة الماضية والتي تخللها فتح بوابة الاستقدام على مصراعيه كان من المفترض أن تكون آنية وبتقنين يلامس الحاجة الفعلية، فالمرحلة الحالية مرحلة تشهد الكثير من المتغيرات تتوجب أن نتعامل معها بكل حذر، فالنمو السكاني في تزايد، والكفاءات الوطنية هي الأخرى في نمو متزايد أيضاً، فضلاً عن أن بلادنا تعد دولة فتية، وهذا ما تتمناه أكثر المجتمعات الطامحة نحو النماء والتقدم، فلماذا لا نعي ذلك، ولماذا لا نستغل مثل هذه الفرص، كما علينا أن نسأل أنفسنا قائلين لماذا نطالب شبابنا وشاباتنا بالاجتهاد والمثابرة وتحصيل أعلى درجات العلم؟، أليس لأجل أن يتسلم كل واحد منهم عملاً شريفاً، يحصل من خلاله على دخل مالي يؤمن له حياة كريمة، لكن وفي المقابل أود أن أؤكد مرة أخرى لمقام وزارة العمل الذي سبق لي في أكثر من مقالة في هذه الزاوية أن قلت: إنه من الصعب تخفيض احتياجاتنا من الاستقدام بنسبة عالية لأجل التقليل من عملية الاستقدام فحسب، لأن دولا متقدمة وأخرى نامية كمثل حال بلادنا لم تستطع إنهاء الاستقدام بدرجة كبيرة أو من خلال خطط تنموية قصيرة الأجل، دون أن يكون هناك ربط مقنن بالاحتياج الفعلي المدروس تجاه كل منشأة على حدة، استناداً إلى طبيعة نشاط وحجم عمل كل منشأة، وهنا أقصد أن منح فرصة الاستقدام من الخارج لابد أن تتأتى لصالح الفئات الجادة من أصحاب العمل سواء من حقق نسبة عالية في سعودة الوظائف أو لمن طبيعة نشاطه الاقتصادي يتطلب الاستقدام من الخارج خصوصاً وأننا لا نزال نطالب مؤسساتنا التعليمية بتهيئة مخرجاتها التعليمية بما يتوافق واحتياجات سوق العمل، وهذه المناداة القصد منها ألا نجعل من سياسة تطبيق تخفيض الاستقدام شاملا لكل القطاعات الاقتصادية بنظام موحد.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
FaxNo2697771@Yahoo.Com |