* المنامة - مراسل الجزيرة - جمال الياقوت :
أبدى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ارتياحه لتنامي علامات الاعتدال والواقعية في السياسة الخارجية لإيران ، وأكد سموه في كلمة له أمام منتدى الحوار الخليجي الذي بدأ أمس في العاصمة البحرينية المنامة ، بأن وجود إيران الصديق المزدهر عنصر استقرار أمن لكافة المنطقة ، وحتى يتسنى ذلك يحتاج أصدقاؤنا الإيرانيون إلى تطوير مستويات رفيعة في التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي والأمني مع جيرانهم ، على أساس من المصالح المشتركة وعدم التدخل في المحلية في الطرفين .. وفي هذا الإطار فإن دواعي القلق من سياسة الهيمنة التي مارسها نظام الشاه يجب أن تصبح جزءاً من ماض بعيد مضى.
وأوضح سموه أن المعاهدة الكويتية - العراقية بما انطوت عليه من ضمانات دولية ، يمكن أن تشكل نموذجاً يحتذى به لاتفاقيات مماثلة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران ، وان هذا الأسلوب البناء هو وحده الكفيل بجعل العراق نموذجاً يحتذى به على الصعيد الإقليمي.
وفي هذا الإطار فإن استجابة إيران لدعوات حل قضية الجزر الإماراتية عبر الطرق السليمة يمكن أن تشكل خطوة إيجابية في هذا الصدد ، كما أن المزيد من المشاركة الفعالة في الحرب ضد الإرهاب يشكل عاملاً مساعداً آخر ، وأكد سموه بأن دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج جميعاً إلى تحقيق مصالحها ، منفردة ومجتمعة ، من خلال تطوير استراتيجية اقتصادية وأمنية واضحة وموحدة ، مع الوفاء بمتطلبات القدرة العسكرية المشتركة الفعالة كأولوية قصوى ، مع العلم أن ذلك لا يعني بالضرورة التأثير على ما تحظى به بعض أو أي من هذه الدول من علاقات خاصة بالآخرين ، وأنه يجب إضافة اليمن في هذا الإطار الأمني للخليج ، إذ يستحيل فصل الخليج عن بقية شبه جزيرة العرب ، إن الحجم الجغرافي والسكاني لليمن لابد أن يساهم إيجابياً في المحافظة على أمن واستقرار المنطقة ، وقد تعاونت اليمن على تطوير علاقات رئيسية مع دول مجلس التعاون الخليجي ، الأمر الذي من شأنه تسهيل عملية حصول اليمن على العضوية الكاملة للمجلس.
وشدد سموه بأن العراق يمثل جزءاً مهما في المنطقة ، وعليه فإن وجود عراق آمن ومستقر وموحد يعتبر أمراً ضرورياً لنجاح المنظومة الأمنية في الخليج ، لذلك نحن نستنكف أن يتحول العراق إلى حقل للتجارب ، كما أن محاولة تكرار ممارسة تجارب الاستعمار التي شهدتها أوائل القرن العشرين في العراق لن تفلح في هذا القرن مثلما لم تفلح من قبل ، ومما لاشك فيه أن استخدام القوة لن يكفل المستويات المطلوبة من الأمن والاستقرار في العراق ، بل على النقيض من ذلك ، فإن المطلوب إذاً هو عملية حوار وطني تفضي إلى مصالح وطنية وتستوعب كل شرائح وفئات الشعب العراقي ، لترسي دعائم المستقبل السياسي لبلادها.
وشدد سموه بأن الإطار الجديد لأمن الخليج ينبغي أن يقوم - من الناحية الواقعية - على أساس ثلاثة أبعاد رئيسية ، البعد المحلي الشامل والبعد الإقليمي والبعد الدولي .. هذا ويعتمد البعد الأول للإطار المطلوب لأمن الخليج على الأوضاع الداخلية لبلدان المنطقة نفسها ، ونحن في المنطقة ندرك تماماً الحاجة العاجلة للإصلاحات الشاملة في دولنا ، مع ما تمليه الأوضاع الاجتماعية لكل دولة على حدة من تباين في سرعة التنفيذ.
وعندما أتحدث عن الإصلاحات الشاملة فإنني أعني بذلك ما هو حقيقي وواقعي من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، وليست مجرد تغييرات شكلية فقط ، لذلك ينبغي لخطط التنمية أن تحظى بالأولوية وأن تستجيب لحاجة الأفراد في مجتمعاتنا في كل دولة على حدة ، كما ينبغي لهذه الإصلاحات أن تتسم بالتدرج وأن تسير في اتجاه تراكمي ، الأمر الذي سيكفل تعزيز ما نطمح إليه من أمن واستقرار.
إن الإطار الإقليمي للأمن الذي يستوعب كافة دول المنطقة يعد الضمان الأمثل للسلام والاستقرار في الخليج ، وينبغي أن يرتكز هذا الإطار على أربع قواعد تتمثل في كل من دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والعراق وإيران.
|