* فلسطين المحتلة- بلال أبو دقة:
أطلقت مصر، صباح يوم الأحد الماضي ( 5- 12- 2004 )، سراح الجاسوس الإسرائيلي، عزام عزام، الذي أدين بالتجسس لصالح إسرائيل، بعد قضائه 8 سنوات وشهر واحد من مدة محكومية قدرها 15 عاماً، في إطار صفقة بين تل أبيب والقاهرة، تم خلالها إطلاق سراح الطلبة المصريين الستة المعتقلين في سجن أشكلون اليهودي، الذين وجهت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لهم تهم بالتخطيط لعمليات مناهضة لإسرائيل.
وبحسب الأنباء الإسرائيلية: أطلقت سلطات الاحتلال فجر يوم أمس الأحد سراح الطلاب المصريين الستة، حيث عبروا نقطة الحدود عند طابا، ظهر أمس، في الوقت الذي عبر من معبر طابا، باتجاه معاكس، عزّام عزّام، نحو الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الاحد، متوجهاً بطائرة عسكرية إلى مطار سديه دوف للتحقيق معه لمدة ست ساعات، ومن ثم سيعود إلى أهله في قرية المغار في الجليل. وقال مصدر إسرائيلي: إن الطلاب الستة حرروا من سجنهم في عسقلان (أشكلون) جنوب إسرائيل فجر يوم الأحد، وتوجهوا بسيارة مصلحة السجون إلى معبر الحدود طابا.. في حين عاد عزّام بعد ثمانية أعوام قضاها في السجون المصرية إلى إسرائيل..
لقاء إنفرادي للصفقة
وكانت إسرائيل تضغط من أجل الإفراج عنه منذ أن أصدرت محكمة مصرية حكماً عليه بالسجن 15 عاماً عام 1997، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.
وكانت تواصلت الاتصالات السرية والعلنية بين إسرائيل ومصر، خلال السنوات الثماني الماضية التي مكث فيها عزام في السجن.. وقد تم الاتفاق على الصفقة بصورة نهائية أثناء اتصالات مباشرة بين رئيس الحكومة الإسرائيلي، أرئيل شارون، والرئيس المصري، حسني مبارك. وتمت مناقشة القضية في شهر أيلول - سبتمبر 2004، خلال لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي، سلفان شالوم بنظيره المصري، أحمد أبو الغيط، على هامش اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وطالب الوزير المصري، خلال اللقاء، بالإفراج عن الطلبة المصريين الستة، وقام شالوم بإطلاع رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، آفي ديختر، على فحوى الطلب المصري..
وطلب شالوم من ديختر فحص إمكانية ما إذا كانت مصر معنية بالتوصل إلى صفقة جديدة يتم في إطارها الإفراج عن عزام عزام مقابل الطلبة المصريين الستة..
وتوجه رئيس الشاباك إلى مصر لفحص الموضوع مع المسؤولين المصريين، واتضح أن مصر ترغب في التوقيع على هذه الصفقة.. والتقى شالوم برئيس الحكومة الإسرائيلي في نهاية أيلول - سبتمبر الفائت، وأطلعه على فحوى الصفقة.
وبحسب التقارير الإسرائيلية: أنه خلال الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، ومدير المخابرات المصرية، عمر سليمان، الأسبوع الماضي، إلى إسرائيل، اجتمع سليمان مع شارون على انفراد، تم خلال هذا اللقاء الاتفاق نهائياً على تفاصيل الصفقة وأن الطرفين أعطيا ضوءاً أخضر لبدء تنفيذ الصفقة.
وكان الرئيس المصري قد قال بعد ظهر يوم الخميس، ( 2- 12- 2004 ): انه سيتم إطلاق سراح الطلاب المصريين الستة الذين يقبعون في سجن أشكلون جنوب إسرائيل، قريباً..
وأضاف أن الوفد المصري الذي زار إسرائيل في الآونة الأخيرة، بحث التفاصيل النهائية للصفقة ضمن قضايا أخرى..
وأكد مكتب شارون: أن قضية الإفراج عن الطلبة المصريين تمت مناقشتها خلال اللقاء بوزير الخارجية المصري، وأنها قيد الفحص).
شارون يرحب بعزام
وقال موظفون إسرائيليون في معبر طابا: إن عزام عزام كان في غاية السرور وقام بمعانقة رجال الأمن الإسرائيليين.
وقال عزام عزام في المعبر: أتوجه بالشكر إلى رئيس الحكومة، أريئيل شارون، الذي تعهد بإطلاق سراحي وأوفى بوعده.. إنني أحب دولة إسرائيل.. وقال عزام لشقيقه: الحمد لله، لقد ولدت اليوم من جديد، لقد ولدت اليوم من جديد!.
وتحدث عزام فور وصوله إلى فندق( أغاميم) مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون.. وقال شارون لعزام: نرحب برجوعك إلى بيتك، هذه لحظة تاريخية ل(دولة إسرائيل).. وقال ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلي: إن إطلاق سراح عزام عزام تم إثر استجابة الرئيس المصري، حسني مبارك، لطلب رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، وكبادرة حسن نية شخصية أمر مبارك السلطات المصرية بتقصير مدة سجن عزام عزام.
ثمن قليل
يشار إلى أنه منذ اعتقال عزام عزام، نشرت عدة تقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن عدة صفقات حول إمكانية إطلاق سراحه، فقد صرح عضو الكنيست الإسرائيلي، أيوب قرا، من حزب (الليكود)، في شهر حزيران - يونيو 2003: أنه تلقى اتصالات هاتفية من نشطاء بارزين في حركة فتح، طلبوا منه التوسط في صفقة تؤدي إلى الإفراج عن أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، مروان البرغوثي، مقابل إطلاق سراح عزام عزام. وفي اليوم نفسه، اقترح عضو الكنيست أرييه إلداد من حزب(هئيحود هلئومي الاسرائيلي المتطرف)، مناقشة صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح كل من البرغوثي، والجاسوس الإسرائيلي، جوناثان بولارد، المعتقل في أمريكيا، وبالإضافة إلى الأفراح عن قيادات الجبهة الشعبية المتهمة بقتل وزير السياحة الإسرائيلي السابق، رحبعام زئيفي، من سجن أريحا حيث يقبعون تحت إشراف حراس أمريكان وبريطانيين.
وفي شهر تشرين ثاني - نوفمبر الماضي، نشرت صحيفة(القدس العربي)، الصادرة في لندن، خبراً مفاده: أن مصر رفضت اقتراحاً أمريكياً قدمته جهات إسرائيلية، يقضي بإطلاق سراح عزام عزام مقابل إطلاق عميد الأسرى اللبنانيين، سمير القنطار..
جدوى العلاقات
المصرية الإسرائيلية
هذا وقالت صحيفة يديعوت احرونوت، يوم الأحد، نقلا عن مصادر سياسية في إسرائيل: إن العلاقات بين إسرائيل ومصر لم تكن إيجابية على هذا النحو منذ سنوات طويلة. واعتبرت الصحيفة العبرية أن تصريحات الرئيس المصري، حسني مبارك، في نهاية الأسبوع الماضي، هي بادرة حسن النية الأكبر من جانب مصر تجاه إسرائيل. ويذكر أن مبارك صرح بأن شارون فقط قادر على قيادة المنطقة نحو السلام، إذا أراد ذلك..
لكن الصحيفة الإسرائيلية لفتت أيضاً إلى جانب آخر في عملية تسخين العلاقات بين البلدين، يتعلق بالناحية التجارية بين البلدين، خصوصاً استعداد إسرائيل للتوقيع على صفقة غاز تقوم مصر بتزويد لإسرائيل.
وأفادت يديعوت احرونوت بأن أبو الغيط احضر معه إلى إسرائيل، الأسبوع الفائت، مسودة اتفاقية صفقة الغاز. كذلك تحدث أبو الغيط مع وزير الخارجية الإسرائيلي، سيلفان شالوم، حول إقامة سبع مناطق تجارة حرة، غير خاضعة للجمارك، على الحدود المصرية الإسرائيلية.. وأشارت الصحيفة العبرية، يديعوت أحرونوت: إلى أن مصر تستعد لتعاون أمني (لافت) مع إسرائيل، يصل ذروته مع تنفيذ خطة فك الارتباط.
وقالت الصحيفة إنه في أعقاب توثيق العلاقات بين البلدين توقفت الصحافة المصرية عن نشر مقالات التحريض ورسومات الكاريكاتور اللاسامية).
موفاز: مصر معنية
بوقف تهريب الأسلحة
وفي موضوع ذي صلة بالعلاقات المصرية - الإسرائيلية، قال وزير الأمن الإسرائيلي، شؤول موفاز، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، يوم (الأحد): إنه يقدر في أعقاب اللقاء الذي عقده، الأسبوع الفائت، مع مدير المخابرات المصرية، عمر سليمان، أن مصر معنية بوقف عمليات تهريب الأسلحة من حدودها إلى قطاع غزة.. مع ذلك، قال موفاز: إن هناك ارتفاعاً في حجم عمليات التهريب من الحدود المصرية. وأعرب موفاز مجدداً عن أسفه حيال مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة المصرية بنيران الجيش الإسرائيلي على الحدود المصرية الفلسطينية قرب مدينة رفح، بقوله: أعربت أمام سليمان عن أسفي إزاء حادث إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الشرطيين المصريين الثلاثة.. ووعدته بأنه سيتلقى نسخة من نتائج التحقيق الذي يجريه الجيش الإسرائيلي بهذا الشأن. وحول تحسن العلاقات بين تل أبيب والقاهرة، قالت مصادر سياسية إسرائيلية: لا توجد هنا علاقة حب قديمة برزت فجأة..
يوجد تفاهم بين البلدين حول المصالح الاستراتيجية للبلدين..
المصريون يرون، أيضاً، في وفاة عرفات فرصة لتغيير الأوضاع في المنطقة، كما أن لمصر مصلحة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، ومصلحة في استقرار السلطة الفلسطينية وقيادتها من قبل جهات معتدلة.. لا توجد هناك أحاسيس في السياسة، هناك دمج بين المصالح المصرية والإسرائيلية..
تفاصيل اعتقال
الطلاب المصريين
وتعرض هنا الجزيرة حادثة اعتقال الطلاب المصريين الستة، والهدف من دخولهم الأراضي الفلسطينية المحتلة.. (إن هدفنا هو التعبير عن تضامن الشعب المصري مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل أمام بطش الاحتلال الصهيوني وجرائمه التي لا تعد ولا تحصى) هذا ما كشف عنه اثنان من الطلاب المصريين الجامعيين الستة المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي للمحامي الفلسطيني، حسين أبو حسين الذي زارهم في ( 21- 9- 2004 ) في سجن عسقلان اليهودي.
وكشف المحامي الفلسطيني، في إفادة حقوقية وصلت الجزيرة: بأن المعتقلين المصريين (عماد ومصطفى) أكدا له بأنهم اعتقلوا على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود المصرية، وقد خضعوا للتحقيق لمدة 13 يوماً، بعد احتجازهم في معسكر للجيش الإسرائيلي لمدة يومين..
وقد تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي أثناء التحقيق ومنعوا من النوم والأكل لمدة يومين، بعد ذلك تم تحويل اثنين منهم إلى سجن عسقلان، ونقل الأربعة الباقون إلى سجن بئر السبع. وجاء في إفادة المحامي الفلسطيني: أن خمسة منهم يدرسون في جامعة القاهرة، والسادس قد تخرج بعد حصوله على شهادة دبلوم إدارة أعمال. وبحسب ما نقله عن الأسيرين المصريين، قولهما: إن الطلاب الستة تعرفوا على بعضهم البعض بواسطة الإنترنت، وجمعهم الغضب على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وأرادوا التعبير عن تضامنهم مع شعب فلسطين..
وأشار المحامي أبو حسن في الإفادة التي تعرضها الجزيرة: إلى أنه قد تم تقديم لائحة اتهام ضدهم، وهم يؤكدون أن الحديث عن اختطاف دبابة والتخطيط لسرقة بنك كان حديثاً عابراً فيما بينهم، وأنهم لم يخططوا لتنفيذه، وأكد المعتقلون أيضاً أن الحديث عن حيازتهم لأسلحة هو عار تماماً من الصحة، وأنهم قد اعتقلوا بدون أية مقاومة منهم، مما يؤكد صحة الحديث.. وجاء في الإفادة الحقوقية: أن المعتقلين يتمتعون بمعنويات عالية جداً، بالإضافة إلى العلاقة الحميمة التي جمعتهم مع الأسرى الفلسطينيين في السجون اليهودية..
وكانت وزارة الخارجية المصرية، ذكرت في (- 18- 9- 2004 ): أن السفارة المصرية في تل أبيب طلبت السماح لمسؤولين فيها بزيارة الطلاب المصريين الستة المعتقلين في إسرائيل.. وقالت الخارجية المصرية في بيان وزع على الصحافيين: توالي السفارة المصرية في تل أبيب اتصالاتها مع الجهات الإسرائيلية المعنية، حيث قامت بإرسال مذكرة رسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تطلب فيها الإسراع في حلّ هذه المسألة وترتيب زيارة تقوم بها السفارة لهؤلاء الشبان الستة: عماد سيد ( طالب بكلية الهندسة - جامعة القاهرة ) ومحمد يسري (طالب بكلية الهندسة - جامعة حلوان ) ومصطفي محمود يوسف (طالب بكلية الهندسة - جامعة القاهرة ) ومصطفى أبو ضيف ( بكالوريوس حاسب آلي ) ومحمود جمال عزت ( معهد فني صناعي ) ومحمد ماهر (تعليم فني صناعي )...
وقال بيان وزارة الخارجية المصرية: إن مدير إدارة إسرائيل بها اتصل بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة لطلب سرعة التدخل لدى السلطات الإسرائيلية لإفادتنا بالمعلومات المتوافرة لديها وسرعة الإفراج عن الطلبة. وكانت محكمة إسرائيلية في بئر السبع، كشفت ( 12 - 9 - 2004 ) أن قوات الأمن الإسرائيلية اعتقلت في 25 آب - أغسطس الماضي، ستة طلاب جامعيين مصريين في منطقة النقب الصحراوي، بعد أن دخلوا عبر الحدود المصرية - الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948..، مدعية أنهم كانوا يخططون لاختطاف جنود إسرائيليين والسيطرة على أسلحتهم وعلى دبابة، وسرقة بنك.. وبعد الإعلان عن اتهام الطلاب رسمياً، توافد أهلوهم إلى وزارة الخارجية المصرية قائلين: إن أبناءهم ذهبوا إلى العريش لقضاء عطلة على الشاطئ في آب - أغسطس الماضي، كعادة المصريين في الصيف، ولم يسبق لهم ارتكاب مخالفات..
هذا ونشرت صحيفة الأهرام المصرية، صباح يوم أمس الأحد، أن أهالي الطلبة الستة طلبوا تدخل الرئيس المصري، حسني مبارك، للإفراج عنهم..
|